وَالْأَخَوَاتِ وَغَيْرِ ذَلِكَ فَلْيَكُنْ أَبُ الْأَبِ نَازِلًا مَنْزِلَةَ الْأَبِ يُرْوَى هَذَا التَّوْجِيهُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ لَمْ أَرَهُ كَذَلِكَ لَكِنْ فِي الْبَيْهَقِيّ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ جَاءَ رَجُلٌ إلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فَقَالَ لَهُ كَيْفَ تَقُولُ فِي الْجَدِّ قَالَ إنَّهُ لَا جَدَّ أَيُّ أَبٍ لَك أَكْبَرَ فَسَكَتَ الرَّجُلُ فَلَمْ يُجِبْهُ فَقُلْت أَنَا آدَم قَالَ أَفَلَا تَسْمَعُ إلَى قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى يَا بَنِي آدَمَ١.
قَوْلُهُ أَجْمَعَ الصَّحَابَةُ عَلَى أَنَّ الْأَخَ لَا يُسْقِطُ الْجَدَّ انْتَهَى وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ ابْنَ حَزْمٍ حَكَى أَقْوَالًا أَنَّ الْإِخْوَةَ تُقَدَّمُ عَلَى الْجَدِّ فَأَيْنَ الْإِجْمَاعُ.
قَوْلُهُ بِأَنَّ الْجَدَّ أَكْثَرَ فِيهِ الصَّحَابَةُ قُلْت فِي الْبُخَارِيِّ تَعْلِيقًا يُرْوَى عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَابْنِ مَسْعُودٍ فِي الْجَدِّ قَضَايَا مُخْتَلِفَةٌ وَقَدْ بَيَّنْت أَسَانِيدَ ذلك في تعليق التعليق٢، وقد ذَكَرَ الْبَيْهَقِيّ فِي ذَلِكَ آثَارًا كَثِيرَةً٣.
وَرَوَى الْخَطَّابِيُّ فِي الْغَرِيبِ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ قَالَ سَأَلْت عُبَيْدَةَ عَنْ الْجَدِّ فَقَالَ مَا تَصْنَعُ بِالْجَدِّ لَقَدْ حَفِظْت عَنْ عُمَرَ فِيهِ مِائَةَ قَضِيَّةٍ يُخَالِفُ بَعْضُهَا بَعْضًا ثُمَّ أَنْكَرَ الْخَطَّابِيُّ هَذَا إنْكَارًا شَدِيدًا بِمَا لَا مُحَصِّلَ لَهُ وَسَبَقَهُ إلَى ذَلِكَ ابْنُ قُتَيْبَةَ فِي مُقَدِّمَةِ مُخْتَلِفِ الْحَدِيثِ وَمَا الْمَانِعُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُ عُبَيْدَةَ مِائَةَ قَضِيَّةٍ عَلَى سَبِيلِ الْمُبَالَغَةِ وَقَدْ أَوَّلَ الْبَزَّارُ كَلَامَ عُبَيْدَةَ هَذَا كَمَا حكيته في تعليق التَّعْلِيقِ٤.
قَوْلُهُ وَجَعَلَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ كَالْأَبِ وَصَلَهُ الْبَيْهَقِيّ عَنْهُ وَعَنْ غَيْرِهِ أَيْضًا٥.
قَوْلُهُ شَبَّهَ عَلِيٌّ الْجَدَّ بِالْبَحْرِ أَوْ النَّهْرِ الْكَبِيرِ وَالْأَبَ كَالْخَلِيجِ الْمَأْخُوذِ مِنْهُ وَالْمَيِّتَ وَإِخْوَتَهُ كَالسَّاقِيَتَيْنِ الْمُمْتَدَّتَيْنِ مِنْ الْخَلِيجِ وَالسَّاقِيَةُ إلَى السَّاقِيَةِ أَقْرَبُ مِنْهَا إلَى الْبَحْرِ أَلَا تَرَى إذَا شُقَّتْ إحْدَاهُمَا أَخَذَتْ الْأُخْرَى مَاءَهَا وَلَمْ يَرْجِعْ إلَى الْبَحْرِ وَشَبَّهَهُ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ بِسَاقِ الشَّجَرَةِ وَأَصْلِهَا وَالْأَبُ كَغُصْنٍ مِنْهَا وَالْإِخْوَةُ كَغُصْنَيْنِ تَفَرَّعَا مِنْ ذَلِكَ الْغُصْنِ وَأَحَدُ الْغُصْنَيْنِ إلَى الْآخَرِ أَقْرَبُ مِنْهُ إلَى أَصْلِ الشَّجَرَةِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ إذَا قُطِعَ أَحَدُهُمَا امْتَصَّ الْآخَرُ مَا كَانَ يَمْتَصُّهُ الْمَقْطُوعُ وَلَا يَرْجِعُ إلَى السَّاقِ الْبَيْهَقِيّ مِنْ طَرِيقِ الشَّعْبِيِّ قَالَ كَانَ مِنْ رَأْيِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ أَنْ يَجْعَلَ الْجَدَّ أَوْلَى مِنْ الْأَخِ وَكَانَ عُمَرُ يَكْرَهُ الْكَلَامَ فِيهِ فَلَمَّا وَلِيَ عُمَرُ قَالَ هَذَا أَمْرٌ لَا بُدَّ لِلنَّاسِ مِنْ مَعْرِفَتِهِ فَأَرْسَلَ إلَى زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ فَذَكَرَهُ وَأَرْسَلَ إلَى عَلِيٍّ فَذَكَرَهُ كَمَا تَقَدَّمَ٦، وَذَكَرَهُ عَنْهُ بِلَفْظٍ آخَرَ،
١ أخرجه البيهقي ٦/٢٤٦.٢ ينظر: تغليق العليق ٥/٢١٤-٢٢٢.٣ ينظر: السنن الكبرى ٦/٢٤٦.٤ ينظر: تغليق التعليق ٥/٢١٤-٢٢٢.٥ ينظر: السنن الكبرى ٦/٢٤٦.٦ أخرجه البيهقي ٦/٢٤٧-٢٤٨.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute