فَتَلَقّتْهُمْ مُسَايَفَةٌ ... مُدّهَا كالغَبْية النّثِره
فِيهِمْ عَمْرُو بْنُ طَلّةَ م ... لّى الْإِلَهُ قَوْمَهُ عُمُرَهْ
ــ
النّحْوِ مَسَائِلُ كَثِيرَةٌ لَا نُطَوّلُ بِذِكْرِهَا.
وَقَوْلُهُ فَتَلَقّتْهُمْ مُسَايِفَةٌ بِكَسْرِ الْيَاءِ أَيْ كَتِيبَةٌ مُسَايِفَةٌ. وَلَوْ فَتَحْت الْيَاءَ فَقُلْت: مُسَايَفَةٌ لَكَانَ حَالًا مِنْ الْمَصْدَرِ الّتِي تَكُونُ أَحْوَالًا مِثْلَ كَلّمْته مُشَافَهَةً وَلَعَلّ هَذِهِ الْحَالُ أَنْ يَكُونَ لَهَا ذِكْرٌ فِي الْكِتَابِ فَنَكْشِفُ عَنْ سِرّهَا، وَنُبَيّنُ مَا خَفِيَ عَلَى النّاسِ مِنْ أَمْرِهَا، وَفِي غَيْرِ نُسْخَةٍ الشّيْخُ فَتَلَقّتْهُمْ مُسَابَقَةً بِالْبَاءِ وَالْقَافِ. وَالْغَبْيَةُ الدّفْعَةُ مِنْ الْمَطَرِ١.
وَقَوْلُهُ النّثِرَةِ أَيْ الْمُنْتَثِرَةِ وَهِيَ الّتِي لَا تُمْسِكُ مَاءً. وَقَوْلُهُ [مَلّى] الْإِلَهُ مِنْ قَوْلِهِمْ تَمَلّيْت حَيْنًا أَيْ عِشْت مَعَهُ حَيْنًا، وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ الْمَلَاوَةِ وَالْمَلَوَيْنِ٢ قَالَ ابْنُ أَحْمَرَ
أَلَا يَا دِيَارَ الْحَيّ بِالسّبُعَانِ٣ ... أَمَلّ عَلَيْهَا بِالْبِلَى الْمَلَوَانِ
أَلَا يَا دِيَارَ الْحَيّ لَا هَجْرَ بَيْنَنَا ... وَلَا كُنّ رَوْعَاتٍ مِنْ الْحَدَثَانِ
نَهَارٌ وَلَيْلٌ دَائِبٌ مَلَوَاهُمَا ... عَلَى كُلّ حَالِ النّاسِ يَخْتَلِفَانِ
مَعْنَى قَوْلِ الشّاعِرِ دَائِبٌ مَلَوَاهُمَا. وَالْمَلَوَانِ اللّيْلُ وَالنّهَارُ. وَهُوَ مُشْكِلٌ لِأَنّ الشّيْءَ لَا يُضَافُ إلَى نَفْسِهِ. لَكِنّهُ جَازَ هَهُنَا لِأَنّ الْمَلَا هُوَ الْمُتّسَعُ مِنْ الزّمَانِ وَالْمَكَانِ وَسُمّيَ اللّيْلُ وَالنّهَارُ مَلَوَيْنِ لِانْفِسَاحِهِمَا، فَكَأَنّهُ وَصْفٌ لَهُمَا، لَا عِبَارَةَ عَنْ ذَاتَيْهِمَا ; وَلِذَلِكَ جَازَتْ إضَافَتُهُ إلَيْهَا، فَقَالَ دَائِبٌ مَلَوَاهُمَا أَيْ مُدّاهُمَا وَانْفِسَاحُهُمَا. وَقَدْ رَأَيْت مَعْنَى هَذَا الْكَلَامِ فِي هَذَا الْبَيْتِ بِعَيْنِهِ لِأَبِي عَلِيّ الفسوري فِي
١ وَأَيْضًا: الصب، الْكثير من المَاء والسياط، وَمن التُّرَاب مَا سَطَعَ من غباره.٢ ملاه الله الْعَيْش وأملاه وملاك الله حَبِيبك: أمتعك بِهِ وأعاشك مَعَه طَويلا.٣ السبعان: مَوضِع فِي ديار بكر, أَو ديار قيس.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute