جِبْرِيل يقرئ خَدِيجَة السَّلَام:
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَحَدّثَنِي مَنْ أَثِقُ بِهِ أَنّ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السّلَامُ أَتَى رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ أَقْرِئْ خَدِيجَةَ السّلَامَ مِنْ رَبّهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "يَا خَدِيجَةُ هَذَا جِبْرِيلُ
ــ
وَأَمّا قَوْلُهُ مِنْ قَصَبٍ وَلَمْ يَقُلْ مِنْ لُؤْلُؤٍ وَإِنْ كَانَ الْمَعْنَى وَاحِدًا، وَلَكِنْ فِي اخْتِصَاصِهِ هَذَا اللّفْظِ مِنْ الْمُشَاكَلَةِ الْمَذْكُورَةِ وَالْمُقَابِلَةِ بِلَفْظِ الْجَزَاءِ لِلَفْظِ الْعَمَلِ أَنّهَا - رَضِيَ اللهُ عَنْهَا - كَانَتْ قَدْ أَحْرَزَتْ قَصَبَ السّبْقِ إلَى الْإِيمَانِ دُونَ غَيْرِهَا مِنْ الرّجَالِ وَالنّسْوَانِ. وَالْعَرَبُ تُسَمّي السّابِقَ مُحْرِزًا لِلْقَصْبِ.
قَالَ الشّاعِرُ:
مَشَى ابْنُ الزّبَيْرِ الْقَهْقَرَى، وَتَقَدّمَتْ ... أُمَيّةُ حَتّى أَحْرَزُوا الْقَصَبَاتِ
فَاقْتَضَتْ الْبَلَاغَةُ أَنْ يَعْبُرَ بِالْعِبَارَةِ الْمُشَاكِلَةِ لِعَمَلِهَا فِي جَمِيعِ أَلْفَاظِ الْحَدِيثِ فَتَأَمّلْهُ.
الْمُوَازَنَةُ بَيْنَ خَدِيجَةَ وَعَائِشَةَ رَضِي الله عَنْهُمَا:
فَصْلٌ: وَذَكَرَ قَوْلَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِخَدِيجَةَ: " هَذَا جِبْرِيلُ يُقْرِئُك السّلَامَ مِنْ رَبّك" الْحَدِيثُ١ يُذْكَرُ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ دَاوُد أَنّهُ سُئِلَ أَعَائِشَةُ أَفَضْلُ أَمْ خَدِيجَةَ؟ فَقَالَ "عَائِشَةُ أَقْرَأَهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ السّلَامَ مِنْ جِبْرِيلَ وَخَدِيجَةُ أَقْرَأَهَا جِبْرِيلُ السّلَامَ مِنْ رَبّهَا عَلَى لِسَانِ مُحَمّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَهِيَ أَفَضْلُ، قِيلَ لَهُ فَمَنْ أَفْضَلُ أَخَدِيجَةُ أَمْ فَاطِمَةُ؟ فَقَالَ إنّ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ "إنّ فَاطِمَةَ بَضْعَةٌ مِنّي٢ فَلَا أَعْدِلُ بِبَضْعَةِ مِنْ رَسُولِ اللهِ أَحَدًا" وَهَذَا اسْتِقْرَاءٌ حَسَنٌ وَيَشْهَدُ لِصِحّةِ هَذَا الِاسْتِقْرَاءِ أَنّ أَبَا لُبَابَةَ حِينَ ارْتَبَطَ نَفْسُهُ وَحَلَفَ أَلّا يَحِلّهُ إلّا رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَجَاءَتْ فَاطِمَةُ لِتَحِلّهُ فَأَبَى مِنْ أَجْلِ قَسَمِهِ
١ قي الحَدِيث الْمُتَّفق عَلَيْهِ عَن ابي هُرَيْرَة –رَضِي الله عَنهُ- قَالَ: "أَتَى جِبْرِيل النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُول الله هَذِه خَدِيجَة قد أَتَت مَعهَا إِنَاء فِيهِ إدام وَطَعَام...." الحَدِيث.٢ وروى الْمسور بن مخرمَة أَن النَّبِي صلى عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: "فَاطِمَة بضعَة مني فَمن أغضبها أَغْضَبَنِي".
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute