قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَحَدّثَنِي أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمّدُ بْنُ عَلِيّ بْنِ حُسَيْنٍ: أَنّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْتَقَى هُوَ وَالْمُشْرِكُونَ بِبَدْرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ. صَبِيحَةَ سَبْعَ عَشَرَةَ مِنْ رَمَضَانَ.
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: ثُمّ تَتَامّ الْوَحْيُ إلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَهُوَ مُؤْمِنٌ بِاَللهِ مُصَدّقٌ بِمَا جَاءَهُ مِنْهُ قَدْ قَبِلَهُ بِقَبُولِهِ وَتَحَمّلَ مِنْهُ مَا حَمّلَهُ عَلَى رِضَا الْعِبَادِ وَسَخَطِهِمْ وَالنّبُوّةُ أَثْقَالٌ وَمُؤْنَةٌ لَا يَحْمِلُهَا، وَلَا يَسْتَطِيعُ بِهَا إلّا أَهْلُ الْقُوّةِ وَالْعَزْمِ مِنْ الرّسُلِ بِعَوْنِ اللهِ تَعَالَى وَتَوْفِيقِهِ لِمَا يَلْقَوْنَ مِنْ النّاسِ وَمَا يَرُدّ عَلَيْهِمْ مِمّا جَاءُوا بِهِ عَنْ اللهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.
ــ
وَالسّورَةُ بَعْدَ السّورَةِ فِي أَجْوِبَةِ السّائِلِينَ وَالنّوَازِلِ الْحَادِثَةِ إلَى أَنْ تُوُفّيَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهَذَا التّأْوِيلُ أَشْبَهُ بِالظّاهِرِ وَأَصَحّ فِي النّقْلِ وَاَللهُ أَعْلَمُ١.
حَوْلُ إضَافَةِ شَهْرٍ إلَى رَمَضَانَ:
فَصْلٌ: وَفِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {شَهْرُ رَمَضَانَ} [الْبَقَرَة: ١٨٥] فَذَكَرَ الشّهْرَ مُضَافًا إلَى رَمَضَانَ وَاخْتَارَ الْكُتّابُ وَالْمُوَثّقُونَ النّطْقَ بِهِ بِهَذَا اللّفْظِ دُونَ أَنْ يَقُولُوا: كُتِبَ فِي رَمَضَانَ وَتَرْجَمَ الْبُخَارِيّ وَالنّسَوِيّ٢ عَلَى جَوَازِ اللّفْظَيْنِ جَمِيعًا وَأَوْرَدَا حَدِيثَ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - "مَنْ صَامَ رَمَضَانَ وَإِذَا جَاءَ رَمَضَانُ"، وَلَمْ يَقُلْ شَهْرَ رَمَضَانَ وَقَدْ بَيّنْت أَنّ لِكُلّ مَقَامٍ مَقَامُهُ وَلَا بُدّ مِنْ ذِكْرِ شَهْرٍ فِي مَقَامٍ وَمَنْ حَذَفَهُ فِي مَقَامٍ آخَرَ وَالْحِكْمَةُ فِي ذِكْرِهِ إذَا ذُكِرَ فِي الْقُرْآنِ وَالْحِكْمَةُ أَيْضًا فِي حَذْفِهِ إذَا حُذِفَ مِنْ اللّفْظِ وَأَيْنَ يَصْلُحُ الْحَذْفُ وَيَكُونُ أَبْلَغَ مِنْ الذّكْرِ كُلّ هَذَا مُبَيّنٌ فِي كِتَابِ "نَتَائِجِ الْفِكْرِ", فَهُنَاكَ أَوْرَدْنَا فِيهِ فَوَائِدَ تَعْجِزُ عَنْهَا هِمَمُ أَهْلِ هَذَا الْعَصْرِ. أَدْنَاهَا تُسَاوِي رِخْلَةً عِنْدَ مَنْ عَرَفَ قَدْرَهَا، غَيْرَ أَنّا نُشِيرُ إلَى بَعْضِهَا، فَنَقُولُ قَالَ سِيبَوَيْهِ: وَمِمّا لَا يَكُونُ
١ مَا ورد فِي نزُول الْقُرْآن جملَة وَاحِدَة إِلَى بَيت الْعِزَّة, أَو إِلَى سَمَاء الدُّنْيَا, كَلَام لَا سَنَد لَهُ صَحِيح وَالصَّحِيح مَا ورد فِي الْقُرْآن: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ} [الْبَقَرَة: ١٨٥] إِلَى غير ذَلِك من الْآيَات.٢ هُوَ أَبُو الْعَبَّاس الْحسن بن سُفْيَان النسوي, وَله مُسْند مَشْهُور.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute