قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَيُقَالُ رَجُلٌ يَصِيحُ بِلِسَانِ فَصِيحٍ يَقُولُ لَا إلَهَ إلّا اللهُ. وَأَنْشَدَنِي بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالشّعْرِ:
عَجِبْت لِلْجِنّ وَإِبْلَاسِهَا ... وَشَدّهَا الْعِيسَ بِأَحْلَاسِهَا
تَهْوِي إلَى مَكّةَ تَبْغِي الْهُدَى ... مَا مُؤْمِنُو الْجِنّ كَأَنْجَاسِهَا
ــ
إسْحَاقَ هَذَا الْخَبَرَ عَنْ عُمَرَ عَلَى غَيْرِ هَذَا الْوَجْهِ وَأَنّ عُمَرَ مَازَحَهُ فَقَالَ: "مَا فَعَلَتْ كِهَانَتُك يَا سَوَادُ؟ فَغَضِبَ وَقَالَ قَدْ كُنْت أَنَا وَأَنْت عَلَى شَرّ مِنْ هَذَا مِنْ عِبَادَةِ الْأَصْنَامِ وَأَكْلِ الْمَيْتَاتِ أَفَتُعَيّرُنِي بِأَمْرِ تُبْت مِنْهُ؟ فَقَالَ عُمَرُ حِينَئِذٍ اللهُمّ غَفْرًا" وَذَكَرَ غَيْرُ ابْنِ إسْحَاقَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ سِيَاقَةً حَسَنَةً وَزِيَادَةً مُفِيدَةً وَذَكَرَ أَنّهُ حَدّثَ عُمَرَ أَنّ رِئْيَهُ جَاءَ ثَلَاثَ لَيَالٍ مُتَوَالِيَاتٍ هُوَ فِيهَا كُلّهَا بَيْنَ النّائِمِ وَالْيَقْظَانِ فَقَالَ قُمْ يَا سَوَادُ وَاسْمَعْ مَقَالَتِي، وَاعْقِلْ إنْ كُنْت تَعْقِلُ قَدْ بُعِثَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ لُؤَيّ بْنِ غَالِبٍ يَدْعُو إلَى اللهِ وَعِبَادَتِهِ وَأَنْشَدَهُ فِي كُلّ لَيْلَةٍ مِنْ الثّلَاثِ اللّيَالِي ثَلَاثَةَ أَبْيَاتٍ مَعْنَاهَا وَاحِدٌ وَقَافِيَتُهَا مُخْتَلِفَةٌ:
عَجِبْت لِلْجِنّ وَتَطْلَابِهَا ... وَشَدّهَا الْعِيسَ بِأَقْتَابِهَا
تَهْوِي إلَى مَكّةَ تَبْغِي الْهُدَى ... مَا صَادِقُ الْجِنّ كَكَذّابِهَا
فَارْحَلْ إلَى الصّفْوَةِ مِنْ هَاشِمٍ ... لَيْسَ قُدَامَاهَا كَأَذْنَابِهَا١
وَقَالَ لَهُ فِي الثّانِيَةِ:
تَهْوِي إلَى مَكّةَ تَبْغِي الْهُدَى ... مَا طَاهِرُ الْجِنّ كَأَنْجَاسِهَا
فَارْحَلْ إلَى الصّفْوَةِ مِنْ هَاشِمٍ ... لَيْسَ ذُنَابَى الطّيْرِ مِنْ رَأْسِهَا٢
١ فِي "الخصائص" للسيوطي: قُدَّام, وَهُوَ صَحِيح الْمَعْنى أَيْضا.٢ فِي "الْبِدَايَة" لِابْنِ كثير وَفِي "الخصائص" للسيوطي.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute