فَقَالَ لَهُ "سَلْنِي عَمّا بَدَا لَك". فَجَعَلَ يَسْأَلُهُ عَنْ أَشْيَاءَ مِنْ حَالِهِ مِنْ نَوْمِهِ وَهَيْئَتِهِ وَأُمُورِهِ فَجَعَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُخْبِرُهُ فَيُوَافِقُ ذَلِكَ مَا عِنْدَ بَحِيرَى مِنْ صِفَتِهِ ثُمّ نَظَرَ إلَى ظَهْرِهِ فَرَأَى خَاتَمَ النّبُوّةِ بَيْنَ كَتِفَيْهِ عَلَى مَوْضِعِهِ مِنْ صِفَتِهِ الّتِي عِنْدَهُ.
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَكَانَ مِثْلَ أَثَرِ الْمِحْجَمِ.
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: "فَلَمّا فَرَغَ أَقْبَلَ عَلَى عَمّهِ أَبِي طَالِبٍ فَقَالَ لَهُ مَا هَذَا الْغُلَامُ مِنْك؟ قَالَ ابْنِي. قَالَ لَهُ بَحِيرَى: مَا هُوَ بِابْنِك، وَمَا يَنْبَغِي لِهَذَا الْغُلَامِ أَنْ يَكُونَ أَبُوهُ
ــ
الْجَاهِلِينَ} [يُوسُفُ: ٣٣] . وَفِي غَيْرِ رِوَايَةِ أَبِي بَحْرٍ ضَبَثَ بِهِ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَيْ لَزِمَهُ قَالَ الشّاعِرُ:
كَأَنّ فُؤَادِي فِي يَدٍ ضَبَثَتْ بِهِ ... مُحَاذِرَةً أَنْ يَقْضِبَ الْحَبْلَ قَاضِبُهُ
فَكَانَ رَسُولُ اللهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – إذْ ذَاكَ ابْنَ تِسْعِ سِنِينَ فِيمَا ذَكَرَ بَعْضُ مَنْ أَلّفَ فِي السّيَرِ وَقَالَ الطّبَرِيّ: ابْنَ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً١.
مِنْ صِفَاتِ خَتْمِ النّبُوّةِ:
وَذُكِرَ فِيهِ خَاتَمُ النّبُوّةِ وَقَوْلُ ابْنِ هِشَامٍ: كَانَ كَأَثَرِ الْمِحْجَمِ يَعْنِي: أَثَرَ الْمِحْجَمَةِ الْقَابِضَةِ عَلَى اللّحْمِ حَتّى يَكُونَ نَاتِئًا. وَفِي الْخَبَرِ أَنّهُ كَانَ حَوْلَهُ حِيلَانٌ فِيهَا شَعَرَاتٌ سُودٌ. وَفِي صِفَتِهِ أَيْضًا أَنّهُ كَانَ كَالتّفّاحَةِ وَكَزِرّ الْحَجَلَةِ وَفَسّرَهُ التّرْمِذِيّ تَفْسِيرًا وَهِمَ فِيهِ فَقَالَ زِرّ الْحَجَلَةِ يُقَالُ إنّهُ بُيّضَ لَهُ فَتَوَهّمَ الْحَجَلَةَ مِنْ الْقَبَجِ٢ وَإِنّمَا هِيَ حَجَلَةُ السّرِيرِ، وَاحِدَةُ الْحِجَالِ وَزِرّهَا الّذِي يَدْخُلُ فِي عُرْوَتِهَا - قَالَ عَلِيّ - رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِ - لِأَهْلِ الْعِرَاقِ: يَا أَشْبَاهَ الرّجَالِ وَلَا رِجَالُ وَيَا طَغَامَ الْأَحْلَامِ وَيَا عُقُولَ
١ فِي "الطَّبَرِيّ": وَهُوَ ابْن تسع سِنِين، وَقيل، ثَلَاث عشرَة، حَكَاهُ أَبُو عمر، وَقَالَ ابْن الْجَوْزِيّ: اثْنَا عشرَة سنة وشهران وَعشرَة أَيَّام، وَفِي سيرة "مغلطاي": وَشهر.٢ هُوَ الحجل، وَفِي "اللِّسَان" أَنه الكروان، وَإنَّهُ مُعرب.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute