قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَقَالَ عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ أَيْضًا يَذْكُرُ بَكْرًا وَغُبْشَانَ وَسَاكِنِي مَكّةَ الّذِينَ خَلَفُوا فِيهَا بَعْدَهُمْ:
يَا أَيّهَا النّاسُ سِيرُوا إنّ قَصْرَكُمْ ... أَنْ تُصْبِحُوا ذَاتَ يَوْمٍ لَا تَسِيرُونَا١
ــ
"الْكِتَابِ" بِالنّونِ وَذَكَرَ الْخَطّابِيّ [فِي غَرِيبِهِ] أَنّهُ يُقَالُ لَهَا: الْبَاسّةُ أَيْضًا بِالْبَاءِ وَهُوَ مِنْ {وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسّاً} [الْوَاقِعَة: ١٥] ، أَيْ فُتّتْ وَثُرّيَتْ، كَمَا يُثَرّى السّوِيقُ، قَالَ الرّاجِزُ:
لَا تَخْبِزَا خَبْزًا وَبُسّا بَسّا
يَقُولُ: لَا تَشْتَغِلَا بِالْخَبْزِ وَثَرّيَا الدّقِيقَ وَالْتَقِمَاهُ٢. يُقَالُ: إنّ هَذَا الْبَيْتَ لِلِصّ أَعْجَلَهُ الْهَرَبُ.
وَذَكَرَ أَبُو عُبَيْدَةَ أَنّ الْخَبْزَ شِدّةُ السّوْقِ، وَالْبَسّ: أَلْيَنُ مِنْهُ وَبَعْدَهُ:
مَا تَرَكَ السّيْرُ لَهُنّ نَسّا
وَمِنْ أَسْمَاءِ مَكّةَ أَيْضًا: الرّأْسُ وَصَلَاحُ وَأُمّ رُحْمٍ وَكُوثَى، وَأَمّا الّتِي يَخْرُجُ مِنْهَا الدّجّالُ فَهِيَ كُوثَى رَبّا٣ وَمِنْهَا كَانَتْ أُمّ إبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السّلَامُ وَقَدْ تَقَدّمَ اسْمُهَا، وَأَبُوهَا هُوَ الّذِي احْتَفَرَ نَهْرَ كُوثَى، قَالَهُ الطّبَرِيّ.
أسطورة:
فَصْلٌ: وَذَكَرَ قَوْلَ الْحَارِثِ بْنِ مُضَاضٍ:
يَا أَيّهَا النّاسُ سِيرُوا إنّ قَصْرَكُمْ ... أَنْ تُصْبِحُوا ذَاتَ يَوْمٍ لَا تَسِيرُونَا٤
وَذَكَرَ ابْنُ هِشَامٍ أَنّهَا وُجِدَتْ بِحَجَرِ بِالْيَمَنِ وَلَا يُعْرَفُ قَائِلُهَا، وَأَلْفَيْت فِي كِتَابِ أَبِي بَحْرٍ سُفْيَانَ بْنِ الْعَاصِي خَبَرًا لِهَذِهِ الْأَبْيَاتِ وَأَسْنَدَهُ أَبُو الْحَارِثِ مُحَمّدُ بْنُ أَحْمَدَ
١ قصركم: نهايتكم وغايتكم.
٢ ثرى الدَّقِيق –فتح الثَّاء وتضعيف الرَّاء- صب عَلَيْهِ المَاء.
٣ فِي "المراصد" كوثى: ثَلَاثَة مَوَاضِع بسواد الْعرَاق بِأَرْض بابل.
٤ هِيَ فِي "الطَّبَرِيّ" ٨/٢٨٥ مَعَ تَقْدِيم وَتَأْخِير.