قال المعتزلي: لو سمعت الأعمش يقول هذا لكذبته! ! ولو سمعته من زيد بن وهب لما صدقته! ! ولو سمعت ابن مسعود يقول هذا لما قبلته! ! ولو سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول هذا لرددته! ! ولو سمعت الله يقول هذا لقلت: ليس على هذا أخذت ميثاقنا! ! (١) ..
فانظر - رعاك الله - كيف قاده عقله إلى فكر الزندقة لمجرد رد عقله لنصوص غيبية من الوحي! ! ؟ .. وانظر كيف دار الزمان وأثبت الطب مصداق حديث الصادق المصدوق -صلى الله عليه وسلم- وبقيت الحسرة على من كذب الوحي وردّه لمجرد مخالفة العقل! ! ؟
وأمّا الأمثلة في عصرنا فحدّث ولا حرج من أقوامٍ لا يأتون قيد أنملة من علم المعتزلي أبي عبيد! !
فيا هذا إن كنت تؤمن فعلاً بربوبية الله تعالى وألولهيته وأسمائه وصفاته، وأنّه قد بعث محمد بن عبدالله -صلى الله عليه وسلم- رسولاً ونبياً، فاعلم إذاً أنّ الله تعالى قد أوجب عليك التسليم التام لكلام النبي -صلى الله عليه وسلم- وحديثه وحكمه وطاعته، ألم يقل الله تعالى في كتابه:{وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ}(٢)، وقال في سورة النساء:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا}(٣)، وقال جل
(١) سير أعلام النبلاء (٦/ ١٠٤)، ومنهج التلقي والاستدلال بين أهل السنة والمبتدعة لـ د. أحمد الصويان (ص ٨٥). وعمرو بن عبيد يعدد هنا رواة الحديث فكذبه وكذب الرواة لمجرد أنه تعارض مع عقله! ! (٢) [آل عمران: ١٣٢]. (٣) [النساء: ٥٩].