للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مثالاً للتعريف بالإضافة التي أغنت عن تفصيل مرجوح لجهة.

ومعنى أن التفصيل هنا مرجوح لجهة: أنه ليس تفصيلاً متعذراً، ولكن الذي منع من التفصيل أمر آخر رجح الإجمالي على التفصيل.

وقد تولى تفسير هذا الأمر العلامة الدسوقي في حاشيته (١)، فقال: "وإغناء الإضافة عن تفصيل تركه أولى لجهة، ككون التفصيل يقتضي ذماً، أو إهانة، أو خوفاً وإن أمكن التفصيل، كقوله: "قومي هم قتلوا - أميم - أخي .. ".

والحق ما ذكره الدكتور محمد أبو موسى، من أن هذه الإضافة وراءها معنى أكبر من هذا، لأنها ترشد إلى بشاعة جريمتهم، وترمز إلى ما في قلبه من الأسى، وأن الإضافة هنا إضافة القوم القاتلين إلى النفس الموجوعة بهذا القتل (٢).

ويؤيد هذا القول أن ما بعد هذا البيت من أبيات القصيدة يوحي بهذا المعنى، استمع إلى بقية الأبيات (٣):

فلئن عفوت لأعفون جللا ... ولئن سطوت لأوهنن عظمي

لا تأمنن قوماً ظلمتهم ... وبدأتهم بالشتم والرغم

أن يأبروا نخلاً لغيرهم ... والشيء تحقره وقد ينمى ...

وزعمتم أن لا حلوم لنا ... إن العصا قرعت لذي الحلم ...

ووطئتنا وطاً على حنق ... وطء المقيد نابت الهرم


(١) حاشية الدسوقي (شروح التلخيص)، ج ١، ص ٢٤٧.
(٢) خصائص التراكيب، ص ١٦٢.
(٣) ديوان الجماسة لأبي تمام، ج ١، ص ٧٢.

<<  <   >  >>