تبقَّى فيها غارَ جِدًّا (١)، فهذه آيةُ كَذِبه! وجِيء إليه بصَبِيٍّ أَصلَعَ، يَعنِي: ما عليه شَعر إلَّا شعرًا قليلًا، فجاؤُوا إليه؛ ليَمسَح رأسَه فيَظهر له شَعر كثير، فلمَّا مسَح رَأْسه تَساقَط الشعر الموجود (٢)، فكأَنَّ هذا آيةٌ على كذِبه! .
فالله - عز وجل - بحِكْمته لا يُمكِن أبدًا أن يُمكِّن لكاذِب مَهما كان، حتى الكاذِب بعد الرسول - صلى الله عليه وسلم - لو كذَبَ فيما يَدعو الناسَ إليه، وكان يَدعو الناسَ إلى الحقِّ رِياءً وسُمعة فلا بُدَّ أن يُظهِر الله تعالى أمره إلى الناس، قال الشاعِر (٣):
الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: يَنبَغي للإنسان أن يَنسُب الخَطَأ إلى نفسه، وَينسُب الصواب إلى الله - عز وجل -؛ لأنّه بنِعمته، ونحن إذا أَصَبْنا هل نَقول: فبما يُوحِي إلينا ربُّنا؟ أو فبِما أَوحاه ربُّنا إلى نبيِّه؟
الجوابُ: إذا أَصَبْنا فإن الواجِب أن نُضيف النِّعْمة إلى مُسْديها - سبحانه وتعالى -، وهو الله - عز وجل - لا نَفتَخِر ونَجعَلها من ذات أَنفُسِنا، أمَّا الضلال فإنَّه على أَنفُسنا؛ لأننا نحن سبَبُه.
(١) انظر: تاريخ الطبري (٣/ ٢٨٤ - ٢٨٥). (٢) انظر: تاريخ الطبري (٣/ ٢٨٥). (٣) البيت لزهير بن أبي سلمى من معلقته المشهورة، انظر: جمهرة أشعار العرب (ص: ١٧٨)، وشرح المعلقات السبع للزوزني (ص: ١٥١).