ومنهم دنيء الأصل رديء الطباع، واثق بما في يديه، فهذا لا يُصلحُه المال، ولا يصلح عليه.
ولذلك لما سأل ثعلبةُ بن حاطبٍ- وليس هو بالبدري، إنْ صحَّ الحديث- رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسولَ الله! ادعُ الله أن يرزقني مالاً، قال له رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: «ويحك يا ثعلبةُ! أما تحبُّ أن تكون مثلي، فلو شئتُ أن يُسيّر ربي معي هذه الجبال ذهباً لسارت» . فقال: ادع الله أن يرزقني مالاً، فوالذي بعثك بالحق لئن رزقني مالاً لأعطينَّ كلَّ ذي حقٍّ حقَّه، قال:«ويحك يا ثعلبة! قليلٌ تطيق شكرَه، خيرٌ من كثيرٍ لا تؤدي حقّه» . أو قال: لا تطيقه-. فقال: يا نبي الله! ادع الله أن يرزقني مالاً، فقال:«اللهم ارزقه مالاً» . قال: فاتخذ غنماً فبورك له فيها، ونمت حتى ضاقت به المدينة، فتنحَّى بها، وكان يشهد مع النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - بالنهار، ولا يشهد صلاة الليل، ثم نمَت، وكان لا يشهد إلا من الجمعة إلى الجمعة، ثم نمَت، فكان لا يشهد جمعة ولا جماعة.
(١) كذا في الأصل، وفي «العقد الفريد» : «يكسبكم» . (٢) كذا في الأصل، وفي «العقد الفريد» : «فتتعجَّلوا» . (٣) نعت الجاحظ في «البيان والتبيين» (١/٣٦٥) (أكثماً) بأنه: «من الخطباء البلغاء، والحكّام الرؤساء» . قلت: وهو أحد المعمّرين، أدرك الإسلام، وذهب في قومه إلى المدينة ليسلم، لكنه مات في الطريق، له ترجمة في «الإصابة» (١/١١٠) ، «المعمرين» (١٤) ، «الوافي بالوفيات» (٩/١٩٩) . والخبر المذكور موجود في «العقد الفريد» (١/١٨٩- ط. دار الكتب العلمية) ، وقال: «أخذه الشاعر، فقال: أَمِنْ خَوْفِ فَقْرٍ تعجَّلْتَه ... وأخَّرْتَ إنفاقَ ما تَجْمعُ فَصِرْتَ الفقيرَ وأنتَ الغَنِيُّ ... وما كنتَ تَعْدو الذي تَصنعُ»