مبنية بالطوب على بعض داره، فرفع رأسه إليها وردد النظر إليها ثم قال:«يا ابن غانم؛ ما ظننت أنه يبلغ بك الأمر إلى هذا كله! .»، وأقبل يتعجب من ذلك ويستعظمه.
عن (٧٨) محمد بن سحنون قال: كانت المعتزلة تدّعي: «عبد الله بن فروخ عندنا».
فأخبرني بعض أصحاب أبي، وكان قد صحب أبا خارجة (٧٩)، قال: نزل بنا أبو خارجة-وقد كنت أسمع أن ابن فروخ يرمى بالاعتزال-فسألته عن ذلك، فقال:
من قال هذا؟ أنا حي، فو الله الذي لا إله إلا هو، ما رأيت بهاتين العينين-ومس عينيه بإصبعيه-شابّا أعبد من ابن فروخ. ثم قال: والله لقد كنت معه حتى أتاه حيوس بن طارق فقال له: ما تقول في المعتزلة؟ فقال له: وما سؤالك عن المعتزلة؟ فعلى المعتزلة لعنة الله قبل يوم الدين، وفي يوم الدين، وبعد يوم الدين، وفي طول دهر الداهرين! » فقال له حيوس بن طارق: لا تفعل فإن فيهم رجالا صالحين (٨٠).
فقال: ويحك! ما أحسبك تخاف في نفسك [في قعود](٨١) ولا في قيام من الناس.
وهل فيهم رجل صالح؟
قال سحنون (٨٢). «مات رجل يقال له الرفّاء، [وكان](٨٣) من أصحاب البهلول، وكان فاضلا فحضره ابن غانم وابن فروخ والبهلول، فأتي بجنازته وبجنازة ابن صخر المعتزلي، فصلّي على الرفاء ثم قدم ابن صخر المعتزلي، فقالوا لابن غانم:«الجنازة! » فقال: «كلّ حيّ ميت، قدموا دابتي»، ولم يصل عليه، فقيل لابن فروخ:
«الجنازة! »، فقال مثل ذلك، وقام ولم يصل [عليه](٨٣)، وقيل للبهلول:
«الجنازة! »، فقال مثل ذلك فأخبر بلفظ كل واحد [من كان معه](٨٣) من أصحابه، فكان [ذلك](٨٣) مما عرف لابن فروخ، وبرئ مما كان يقال فيه (٨٤).
(٧٨) الخبر في المدارك ١١١: ٣. (٧٩) سيترجم له المالكي في هذا الجزء تحت رقم ٩٦. (٨٠) في الأصل: رجال صالحون. (٨١) زيادة من ناشر الطبعة السابقة. (٨٢) الخبر في الطبقات ص ٣٤ - ٣٥ والمدارك ١١١: ٣ وقارن بالتهذيب ٣٥٦: ٥. (٨٣) ما بين المعقفين أضفناه من الطبقات. (٨٤) ورد هنا في الأصل ما يلي: (نسخة) قال: «ولما تولى ابن غانم القضاء فكان يشاور ابن فروخ في كثير من أحكامه فقال له: يا ابن غانم، لم أقب لها أميرا فأقبل ها وزيرا؟ فألح عليه ابن غانم في =