والتقدير: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ذلك، أو قال: ما شاء اللَّه، أو تنويع؛ أي: اشتدّ الحر والعطش، أو ما شاء اللَّه من العذاب، والبلاء غير الحرّ، والعطش، قال القاري: والأظهر أن "أو" بمعنى الواو، وهو تعميم بعد تخصيص؛ أي: وما شاء اللَّه بعد ذلك. انتهى.
قال الجامع عفا اللَّه عنه: الأَولى ما تقدّم عن الحافظ أنه شكّ من أبي شهاب الراوي عن الأعمش، فتنبّه.
(ثُمَّ قَالَ) الرجل في نفسه: (أَرْجِعُ) بقطع الهمزة، وهي ضمير المتكلّم، (إِلَى مَكَانِي الَّذِي كُنْتُ فِيهِ) لاحتمال أن تعود الراحلة إليه؛ لإلفها له أوّلًا، (فَأَنَامُ حَتَّى أَمُوتَ)؛ أي: أو حتى ترجع إليّ راحلتي، وإنما اقتصر على ما ذكر من الموت؛ استبعادًا لجانب الحياة، ويأسًا عن رجوع الراحلة، (فَوَضَعَ رَأْسَهُ عَلَى سَاعِدِهِ لِيَمُوتَ، فَاسْتَيْقَظَ)؛ أي: فانتبه من نومه (وَعِنْدَهُ رَاحِلَتُهُ)؛ أي: حاضرة، أو واقفة، والجملة في محلّ نصب على الحال من الفاعل، وكذا قوله:(وَعَلَيْهَا زَادُهُ وَطَعَامُهُ وَشَرَابُهُ) زاد في رواية أبي معاوية: "وما يُصلحه".
(فَاللَّهُ) قال الطيبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: الفاء هي التي تُعقّب الْمُجْمَل بالمفصّل؛ تأكيدًا، وتقريرًا له؛ لئلا يُزاد فيه، ولا يُنقص. انتهى. (١)(أَشَدُّ فَرَحًا بِتَوْبَةِ الْعَبْدِ الْمُؤْمِنِ مِنْ هَذَا)؛ أي: من فرح هذا الرجل (برَاحِلَتِهِ وَزَادِهِ") قال القاري: فهذا فَذْلَكة القصّة، أعيدت لتأكيد القضيّة. انتهى (٢).
[تنبيه]: سيأتي في حديث البراء -رضي اللَّه عنه- الآتي ذِكر لسبب لهذا الحديث المرفوع، وأوله: "كيف تقولون بفرح رجل، انفلتت منه راحلته، تَجُرّ زمامها بأرض قفر، ليس بها طعام، ولا شراب، وعليها له طعام، وشراب، فطلبها حتى شقّ عليه، ثم مرت بجذل شجرة، فتعلق زمامها، فوجدها متعلقة به؟ " قلنا: شديدًا يا رسول اللَّه، فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أما واللَّهِ لَلَّهُ أشدّ فرحًا بتوبة عبده من الرجل براحلته"، وأخرجه ابن حبان في "صحيحه" من حديث أبي هريرة مختصرًا: "ذكروا الفرح عند رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، والرجل يجد ضالته،