وهو تلقّي السائل بغير ما يَطْلُب مما يُهِمّه، أو هو أهمّ. انتهى (١).
وقال الطيبيّ رحمهُ اللهُ: سلك مع السائل طريق الأسلوب الحكيم؛ لأنه سأل عن وقت الساعة، وإبّان إرسائها، فقيل له: فيم أنت من ذكراها؟ وإنما يُهمّك أن تهتمّ بأُهبتها، وتعتني بما ينفعك عند إرسائها من العقائد الحقّة، والأعمال الصالحة، فأجاب بقوله:"ما أعددت لها إلا أني أحبّ الله ورسوله".
(قَالَ) الرجل: (حُبَّ اللهِ) عزَّ وجلَّ (وَرَسُولِهِ) - صلى الله عليه وسلم -، وفي الرواية الآتية:"أَنَّهُ قَالَ: مَا أَعْدَدْتُ لَهَا مِنْ (٢) كَثِيرٍ، أَحْمَدُ عَلَيْهِ نَفْسِي"، وفي رواية سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ الآتية:"حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، قَالَ: بَيْنَمَا أَنَا وَرَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - خَارِجَيْنِ مِنَ الْمَسْجِد، فَلَقِينَا رَجُلًا عِنْدَ سُدَّةِ الْمَسْجِد، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ مَتَى السَّاعَةُ؟ قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "مَا أَعْدَدْتَ لَهَا؟ "، قَالَ: فَكَأَنَّ الرَّجُلَ اسْتَكَانَ، ثُمَّ قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ مَا أَعْدَدْتُ لَهَا كَبِيرَ صَلَاةٍ، وَلَا صِيَامٍ، وَلَا صَدَقَةٍ، وَلَكِنِّي أُحِبُّ اللهَ وَرَسُولَهُ … ". وفي رواية أبي المليح الرّقّيّ، عن الزهريّ، عن أنس:"خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فتعرّض له أعرابيّ … "، أخرجه أبو نعيم، وله من طريق شريك بن أبي نَمِر، عن أنس:"دخل رجل، والنبيّ - صلى الله عليه وسلم - يخطب"، ومن رواية أبي ضمرة، عن حميد، عن أنس:"جاء رجل، فقال: متى الساعة؟ فقام النبيّ - صلى الله عليه وسلم - إلى الصلاة،. ثم صلى، ثم قال: أين السائل عن الساعة؟ "، ويُجمع بينها بأن سأله والنبيّ - صلى الله عليه وسلم - يخطب، فلم يُجبه حينئذ، فلما انصرف من الصلاة، وخرج من المسجد رآه، فتذكَّر سؤاله، أو عاوده الأعرابيّ في السؤال، فأجابه حينئذ (٣).
(قَالَ) النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: "أَنْتَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ") زاد سلّام بن أبي الصهباء، عن ثابت، عن أنس:"إنك مع من أحببت، ولك ما احتسبت"، أخرجه أبو نعيم، وله مثله من طريق قُرّة بن خالد، عن الحسن، عن أنس، وأخرج أيضًا من طريق أشعث، عن الحسن، عن أنس:"المرء مع من أحبّ، وله ما اكتسب"،
(١) "شرح البخاريّ" للكرمانيّ ٢٢/ ٣٥ - ٣٦. (٢) "الكاشف عن حقائق السنن"١٠/ ٣٢٠١. (٣) "الفتح" ١٤/ ٤٤، كتاب "الأدب" رقم (٦١٦٧).