استعمال مثل هذه القُصّة في وَصْل شعورهنّ بها، وقال في "العمدة": وأشار به إلى قُصّة الشعر التي تناولها من يد حَرَسيّ، وبمثلها كانت النساء يوصلن شعورهن. انتهى (١).
(وَيَقُولُ) - صلى الله عليه وسلم - ("إِنَّمَا هَلَكَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ حِينَ اتَّخَذَ هَذِهِ نِسَاؤُهُمْ") فيه إشارة إلى أن الوصل كان محرَّمًا على بني إسرائيل، فعوقبوا باستعماله، وهلكوا بسببه، وقوله:"حين اتخذ هذه" إشارة أيضًا إلى القُصّة المذكورة، وأراد به الوصل، قاله في "العمدة"(٢).
وقال عياض - رَحِمَهُ اللهُ -: قوله: "إنما هلكت بنو إسرائيل … إلخ" قيل: يَحْتَمِل أنه كان محرَّمًا عليهم، فعوقبوا باستعماله، وهلكوا بسببه، وقيل: يَحْتَمِل أن الهلاك كان به وبغيره، مما ارتكبوه من المعاصي، فعند ظهور ذلك فيهم هلكوا، وفيه معاقبة العامّة بظهور المنكر. انتهى (٣).
وقال القرطبيّ - رَحِمَهُ اللهُ -: قوله: "إنما هلكت بنو إسرائيل … إلخ" يظهر منه: أن ذلك كان محرَّمًا عليهم، وأن نساءهم ارتكبوا ذلك المحرَّم، فأقرَّهن على ذلك رجالهم، فاستوجب الكل العقوبة بذلك، وبما ارتكبوه من العظائم. انتهى (٤).
وفي رواية معمر الآتية: لا إنما عُذّب بنو إسرائيل"، ووقع في رواية سعيد بن المسيِّب الآتية: "إن رسول الله بلغه، فسماه الزور" وفي رواية قتادة، عن سعيد الآتية أيضًا: "نَهَى عن الزور - وفي آخره - ألا وهذا الزور"، قال قتادة: يعني ما تُكْثر به النساء أشعارهنّ من الْخِرَق.
وهذا الحديث حجة للجمهور في مَنْع وَصْل الشعر بشيء آخر، سواء كان شعرًا، أم لا، ويؤيده حديث جابر الماضي بلفظ: "زَجَرَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن تصل المرأة بشعرها شيئًا"، وقد تقدّم تمام البحث في هذا في المسألة الرابعة في شرح حديث أسماء - رضي الله عنها -، فراجعه تستفد، وبالله تعالى التوفيق.