(عَنِ الأَعْرَجِ) عبد الرحمن بن هُرْمُز (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ) - رضي الله عنه -، قال في "الفتح": قد رواه همّام، عن أبي هريرة، ورواه ابن عمر، وجابر، مع أبي هريرة - رضي الله عنه - (١). (أَن رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ:"مَطْلُ الْغَنِي ظُلْمٌ) قال القرطبيّ - رحمه الله -: المطل: منع قضاء ما استُحِق أداؤه مع التمكن من ذلك، وطلبِ المستحقّ حقه، وهو الذي قال فيه في الحديث الآخر: "لَيّ الواجد يُحِلّ عرضه وعقوبته": أي: مطل الموسر المتمكن إذا طولب بالأداء ظلم للمستحق، يبيح من عرضه أن يقال فيه: فلان يَمْطُل الناسَ، ويحبس حقوقهم، ويبيح للإمام أدبه وتعزيره حتى يرتدع عن ذلك، حُكي معناه عن سفيان.
قال: و"الظلم": وضع الشيء في غير موضعه في أصل اللغة، وهو في الشرع محرَّم مذموم. ووجهه هنا: أنه وضع المنع موضع ما يجب عليه من البذل، فحاق به الذم والعقاب. والغني الذي أضيف المطل إليه هو الذي عليه الحقّ؛ بدليل قوله: "لَيُّ الواجد"، وهو الظاهر من الحديث والمراد منه، ولا يُلْتَفَت لقول من قال: إنه صاحب الحقّ، لبُعد المعنى، وعدم ما يدل عليه. انتهى كلام القرطبيّ - رحمه الله - (٢).
وفي رواية ابن عيينة، عن أبي الزناد، عند النسائيّ، وابن ماجه: "المطل ظلم الغنيّ"، والمعنى: أنه من الظلم، وأُطلق ذلك للمبالغة في التنفير عن المطل.
وقد رواه الْجَوْزقيّ من طريق همام، عن أبي هريرة، بلفظ: "إن من الظلم مطل الغنيّ"، وهو يفسِّر الذي قبله.
وأصل المطل: المدّ، قال ابن فارس: مَطَلتُ الحديدة أمطُلها مَطْلًا: إذا مددتها لتطول، وقال الأزهريّ: المطل المدافعة.
والمراد هنا تأخير ما استُحِقّ أداؤه بغير عذر، والغنيّ مختلف في تعريفه، ولكن المراد به هنا مَن قَدَر على الأداء، فأخّره، ولو كان فقيرًا، كما سيأتي البحث فيه.