عن ابنِ جُرَيجٍ، حَدَّثَنِي عبدُ الكَريمِ أنَّه سَمِعَ مِقسَمًا مَولَى عبد اللهِ بنِ الحارِثِ يُحَدِّثُ عن ابنِ عباسٍ قال:{لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ}[النساء: ٩٥] عن بَدرٍ والخارِجونَ إلَى بَدرٍ؛ لَمَّا نَزَلَت غَزوَةُ بَدرٍ قال عبدُ اللهِ بن [قيسِ بنِ](١) جَحشٍ الأسَدِيُّ وعَبدُ اللهِ بن شُرَيحٍ - أو شُرَيحُ بن مالكِ بنِ رَبيعَةَ بنِ ضِبابٍ - هو ابنُ أُمِّ مَكتومٍ: إنَّا أعمَيانِ يا رسولَ الله، فهَل لَنا رُخصَةٌ؟ فنَزَلَت:{لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ .... فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً} فَهَؤُلاءِ القاعِدونَ غَيرُ أولِي الضَّرَرِ {وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا (٩٥) دَرَجَاتٍ مِنْهُ} (٢) على القاعِدينَ مِنَ المُؤمِنينَ غَيرِ أولِي الضرَرِ (٣). أخرَجَ البخاريُّ في "الصحيح" أوَّلَ الحديثِ دونَ سياقَتِه مِن وجهَينِ آخَرَينَ عن ابنِ جُرَيجٍ (٤).
قال الشَّافِعِيُّ رَحِمَه اللهُ: وبَيَّنٌ إذ وعَدَ اللهُ القاعِدينَ غَيرَ أولِي الضرَرِ الحُسنَى أنَّهُم لا يأثَمونَ بالتَّخَلُّف، وأَبانَ اللهُ جَلَّ ثناؤُه في قَولِه في النَّفيرِ حينَ أمَرَ بالنَّفيرِ {انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا}[التوبة: ٤١]، وقالَ:{إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا}[التوبة: ٣٩]، وقالَ:{وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ}[التوبة: ١٢٢] فأَعلَمَهُم أن فرضَه
(١) ليس في م، وسنن الترمذي. وفي سنن النسائي: "عبد الرَّحمن بن جحش". وذكره ابن حجر في الإصابة ٦/ ٦٠ في عبد الله بن جحش. (٢) ليس في: م. (٣) أخرجه الترمذي (٣٠٣٢)، والنسائي في الكبرى (١١١٧) عن الحسن بن محمد به. (٤) البخاري (٣٩٥٤، ٤٥٩٥).