في عبدِ اللهِ بنِ جَحْشٍ وأُخْتِهِ زينبَ لَمّا خطبَها رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - لمولاهُ زيدِ بنِ حارِثةَ، وكَرِها ذلك (١).
* وبينَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - الأَوْلَوِيَّةَ هذه (٢)، وأنّها في البِرِّ والإحسانِ، لا في الميراثِ لأموالهم.
روى أبو هُريرةَ -رضيَ اللهُ تعالى عنه-: أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ:"ما مِنْ مُؤمنٍ إلَّا وَأَنا أَوْلى النَّاس بهِ في الدُّنْيا والآخرة، اقْرَؤوا إن شئتم:{النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ}[الأحزاب: ٦]، فَأَيُّما مُؤْمنٍ تَرَكَ مالاً، فَلْتَرِثْهُ عَصَبَتُهُ مَنْ كانوا، وإنْ تَرَكَ دَيْناً أو ضَياعاً، فَلْيَأتِني، وَأَنا مَوْلاهُ"(٣).
* وكما خَصَّهُ اللهُ الكريمُ بهذا المَقام الشَّريفِ الأَغلى؛ لكمالِ رحمتِه لهم، وتمامِ شفقتِه عليهم، جعلَ المؤمنينَ في بِرِّهم وإحسانِهم أَوْلى بالنبيِّ - صلى الله عليه وسلم - منْ أنْفُسِهم؛ تعظيماً لحرمتِه، وإجلالاً لِقَدرِه؛ كما بينَهُ - صلى الله عليه وسلم - فقال:"لا يُؤمنُ عَبْدٌ حَتَّى أكونَ أَحَبَّ إليهِ منْ أهلِه ومالِه ووَلَد والنَّاسِ أجمعين"(٤).
ويندرجُ في هذا الأصلِ فروع ذكرَها الشافعيةُ:
الأول: يجب على كلِّ أحدٍ (٥) بَذْلُ نفسِه دُونَهُ لِمَنْ قَصَدَهُ، وإن عَلِمَ أنهُ
(١) انظر: "السنن" للدارقطني (٣/ ٣٠١)، و"السنن الكبرى" للبيهقي (٧/ ١٣٦). (٢) "هذه" ليست في "أ". (٣) رواه البخاري (٢٢٦٩)، كتاب: الاستقراض، باب: الصلاة على من ترك دينًا، ومسلم (٢١٧٦)، كتاب: الكفالة، باب: الدين. (٤) رواه البخاري (١٥)، كتاب: الإيمان، باب: حب الرسول - صلى الله عليه وسلم - من الإيمان، ومسلم (٤٤)، كتاب: الإيمان، باب: وجوب محبة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أكثر من الأهل والولد والوالد، عن أنس بن مالك، وهذا لفظ مسلم. (٥) في "ب": "واحد".