تعالى:{فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ}[البقرة: ٢٢٢] , وكقوله:{وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا}[المائدة: ٢] وكانَ الإتيانُ والاصطيادُ مُباحَيْنِ قبلَ الحَيْضِ والإحْرامِ بالخِطاب المتقدم، وكذلك قوله - صلى الله عليه وسلم -: "كُنْتُ نَهَيْتكُمْ عَنْ زِيارَةِ القُبورِ، فَزوروها"(١).
فإن قيلَ: كانَ حَلْقُ الرأسِ مُباحًا قبلَ الإحرامِ، وكان النَّظَرُ إلى الأجنبيةِ حَراما قبلَ الخِطْبَةِ، ثُمَ أُمِرَ بذلكَ، فاستُحِبَّ هذا، ووَجَبَ ذلكَ.
قلنا: إنما وَجَبَ ذلكَ للقرينةِ الدّالَّةِ الزَّائِدَةِ على صيغةِ الأمر، وكلامُنا في الأَمْرِ المُجَرَّدِ عن الأدِلَّةِ والقرائِنِ، ألا تَرى إلى قوله - صلى الله عليه وسلم -: "رَحِمَ اللهُ المُحَلِّقينَ" قالوا: والمُقَصِّرينَ، قالَ:"رَحِمَ اللهُ المُحَلِّقينَ"(٢) الحديث.
ويزيده وضوحًا وإيجابًا قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لَيْسَ على النِّساءِ حَلْقٌ، إنَّما على النِّساء التَّقْصيرُ"(٣)، وعلى الإيجابِ، ثمَّ الدلاَلةِ على استِحْبابِ (٤) نَظَرِ الأجنبيةِ ما رُوِيَ عنه - صلى الله عليه وسلم - من قوله:"فإنَّه أَحْرى أَنْ يُؤدَمَ بَيْنَكُما"(٥).
(١) رواه مسلم (٩٧٧)، كتاب: الجنائز، باب: استئذان النبي - صلى الله عليه وسلم - ربه -عَزَّ وَجَلَّ - في زيارة قبر أمه. عن بريدة بلفظ: "نهيتكم عن زيارة ... ". وقد رواه الإِمام أحمد في "المسند" (٥/ ٣٦١) عن بريدة أيضًا بلفظ: "كنت نهيتكم عن زيارة ... ". (٢) رواه البخاري (١٦٤٠)، كتاب: الحج، باب: الحلق والتقصير عند الإحلال، ومسلم (١٣٠١)، كتاب: الحج، باب تفضيل الحلق على التقصير، وجواز التقصير، عن عبد الله بن عمر. (٣) رواه أبو داود (١٩٨٥)، كتاب: الحج، باب: الحلق والتقصير، والدارمي في "سننه" (١٩٠٥)، والطبراني في "المعجم الكبير" (١٣٠١٨)، والدارقطني في "سننه" (٢/ ٢٧١)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (٥/ ١٠٤)، عن ابن عباس. (٤) "استحباب" ليس في "ب". (٥) رواه النسائي (٣٢٣٥)، كتاب: النكاح، باب: إباحة النظر قبل التزويج، والترمذي (١٠٨٧)، كتاب النكاح، باب: ما جاء في النظر إلى المخطوبة، وقال: حسن، وابن ماجه (١٨٦٦)، كتاب: النكاح، باب: النظر إلى المرأة إذا =