النَّهْيُ وَهْوَ مِثْلُهُ: أَيْ مِثْلُ الْأَمْرِ فِي الِاسْتِعْلَاءِ؛ لِأَنَّهُ الْمُتَبَادِرُ إِلَى الْفَهْمِ، فَهُوَ: (طَلَبُ الْكَفِّ عَنِ الْفِعْلِ اسْتِعْلَاءً) (١). وَقَوْلُهُ:
بِلَا بَدَا: أَيْ ظَهَرَ. أَيْ: إِنَّ لَهُ حَرْفاً وَاحِداً، وَهُوَ (لَا) الْجَازِمَةُ؛ نَحْوُ: (لَا تَفْعَلْ).
وَفِيْ عُرْفِ النُّحَاةِ تُسَمَّى نَفْسُ هَذِهِ الصِّيْغَةِ نَهْياً - فِيْ أَيْ مَعْنًى استُعْمِلَ - كَمَا يُسَمَّى (اِفْعَلْ) أَمْراً (٢).
وَقَدْ يُسْتَعْمَلُ فِيْ غَيْرِ طَلَبِ الْكَفِّ:
١ - كَالتَّهْدِيْدِ: كَقَوْلِكَ لِعَبْدٍ لَا يَمْتَثِلُ أَمْرَكَ: (لَا تَمْتَثِلْ أَمْرِيْ! ) فَإِنَّهُ ظَاهِرٌ أَنْ لَيْسَ الْمُرَادُ طَلَبَ كَفِّهِ عَنِ الِامْتِثَالِ.
٢ - وَكَالدُّعَاءِ: نَحْوُ: (اللَّهُمَّ لَا تُشَمِّتْ بِيْ أَعْدَائِيْ) فَإِنَّهُ ظَاهِرٌ فِيْ أَنَّهُ تَضَرُّعٌ.
٣ - وَالِالْتِمَاسِ: كَقَوْلِكَ عَلَى سَبِيْلِ التَّلَطُّفِ لِمَن يُسَاوِيْكَ: (لَا تَفْعَلْ كَذَا أَيُّهَا الْأَخُ).
قَالَ التَّفْتَازَانِيُّ (٣): «وَقَدْ يُسْتَعْمَلُ الْأَمْرُ وَالنَّهْيُ لِطَلَبِ الدَّوَامِ وَالثَّبَاتِ عَلَى مَا عَلَيْهِ الْمُخَاطَبُ مِنَ الْفِعْلِ أَوِ التَّرْكِ؛ نَحْوُ: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} [الفاتحة: ٦]، {وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ}
(١) إلَّا أنَّ دلالةَ النَّهي تزيدُ على الأمرِ في أنَّها تستدعي مِن المخاطَب: الفورَ والاستمرار، أي: الكفّ عن الفعل فوراً والاستمراريّة والدّوام على هذا الكفّ، إلّا بقرينة.(٢) انظر: مغني اللَّبيب ١/ ٣١٣ - ٣٢٤.(٣) في المطوّل ص ٤٢٨.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute