بَابُ حُكْمِ كِتَابِ الْقَاضِي إِلَى الْقَاضِي
يُقْبَلُ كِتَابُ الْقَاضِي إِلَى الْقَاضِي فِي كُلِّ حَقٍّ، حَتَّى الْقَذْفِ، إِلَّا فِي حُقُوقِ اللَّهِ؛ كَحَدِّ الزِّنَى، وَنَحْوِهِ. وَيُقْبَلُ فِيمَا حَكَمَ بِهِ لِيُنْفِذَهُ، وَإِنْ كَانَا فِي بَلَدٍ وَاحِدٍ. وَلَا يُقْبَلُ فِيمَا يَثْبُتُ عِنْدَهُ لِيَحْكُمَ (١) بِهِ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُمَا مَسَافَةُ الْقَصْرِ. وَيَجُوزُ أَنْ يَكْتُبَ إِلَى قَاضٍ مُعَيَّنٍ، وَإِلَى كُلِّ مَنْ يَصِلُ إِلَيْهِ كِتَابُهُ مِنْ قُضَاةِ الْمُسْلِمِينَ.
وَلَا يُقْبَلُ الْكِتَابُ إِلَّا أَنْ يُشْهِدَ بِهِ الْقَاضِي الْكَاتِبُ شَاهِدَيْنِ يُحْضِرُهُمَا، فَيَقْرَؤُهُ عَلَيْهِمَا، ثُمَّ يَقُولُ: "اشْهَدَا (٢) أَنَّ هَذَا كِتَابِي إِلَى فُلَانِ ابْنِ فُلَانٍ"، وَيَدْفَعُهُ إِلَيْهِمَا. فَإِذَا وَصَلَا دَفَعَاهُ إِلَى الْمَكْتُوبِ إِلَيْهِ، وَقَالَا: "نَشْهَدُ أَنَّ هَذَا كِتَابُ فُلَانٍ إِلَيْكَ كَتَبَهُ بِعَمَلِهِ، وَأَشْهَدَنَا عَلَيْهِ". وَلَوْ كَتَبَ كِتَابًا وَأَدْرَجَهُ وَخَتَمَهُ، وَقَالَ: "هَذَا كِتَابِي إِلَى فُلَانٍ، اشْهَدَا عَلَيَّ بِمَا فِيهِ"، لَمْ يَصِحَّ.
فَإِذَا وَصَلَ الْكِتَابُ، وَأَحْضَرَ الْخَصْمَ بِاسْمِهِ وَنَسَبِهِ وَحِلْيَتِهِ، فَقَالَ: "مَا أَنَا فُلَانٌ الْمَذْكُورُ! " -فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ، مَا لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ بِذَلِكَ. وَإِنْ ثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ أَوْ إِقْرَارٍ، فَقَالَ: "الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ غَيْرِي، وَهُوَ مِثْلِي نَسَبًا
(١) في الأصل: "الحكم". ينظر: "المقنع" (٢٩/ ١١)، و"المحرر" (٢/ ٢١٢).(٢) في الأصل: "اشهد".
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute