المجهولة السبب، فاستعمال لفظ الاستفهام فى التعجب مجاز مرسل من استعمال اسم الملزوم فى اللازم وما ذكره الشارح من أن العاقل لا يستفهم عن حال نفسه من الغير لا يرد عليه أن المريض يسأل الطبيب عن حاله؛ لأن المريض إنما يسأله عن سبب مرضه أو عما ينفعه لا عن كونه مريضا، ثم إن ما ذكره الشارح من أنه لا معنى لاستفهام العاقل عن حال نفسه ظاهر بالنسبة للأحوال التى لا تخفى على صاحبها كقيامه وقعوده وجوعه وعطشه، فلا يقال ما حالى أى: أنا نائم أو قاعد أو أنا جائع أو لا، وأما الأحوال المنفصلة، أو ما فى حكمها مما تخفى عليه فيجوز أن يستفهم الإنسان عنها كأن يقال ما بالى أوذى دون سائر المسلمين أى: ما السبب الذى صار متعلقا بى وحالا من أحوالى فأوجب أذيتى، ومن المعلوم أن السبب فى عدم رؤيته للهدهد حال منفصلة عنه، وحينئذ فلا يتم ما ذكره الشارح من التعليل، ولما أمكن حمل السؤال فى الآية على الحال المنفصلة التى يمكن السؤال عنها أجرى الاستفهام الواقع فيها على الاستفهام الحقيقى عند الزمخشرى، وإليه أشار الشارح بقوله وقول صاحب الكشاف إلخ، وهو مبتدأ خبر يدل إلخ
(قوله: وهو حاضر) أى: والهدهد حاضر وهذه الجملة حالية، وقوله لسائر متعلق بقوله لا يراه، وحاصله أن سليمان جازم بعدم رؤيته مع حضوره ومتردد فى السبب المانع له من الرؤية مع حضوره هل هو ساتر ستره عنه، أو غير ذلك ككونه خلفه أو على يمينه أو يساره، فسأل الحاضرين عن ذلك السبب الذى منعه فقال لهم:
ما لِيَ لا أَرَى الْهُدْهُدَ (١) أى: ما السبب فى عدم رؤيتى له والحال أنه حاضر هل هو ساتر ستره عنى أو غير ذلك ككونه خلفى كذا قرر شيخنا العدوى، ويوافقه ما فى، سم، وفى ابن يعقوب فى بيان كلام الزمخشرى: المذكور هنا ما محصله أن سليمان لما نظر لمكان الهدهد فلم يبصره تردد فى السبب المانع له من الرؤية هل هو ساتر تعلق به فمنعه من الرؤية مع كونه حاضرا، أو ليس هو ساترا مع كونه حاضرا، بل غيبته فلما تردد فى ذلك السبب سأل الحاضرين عن ذلك السبب الذى أوجب له منع الرؤية من