٤ - وقال أبو بكر القاضي: ولا الإيمان الذي هو الفرائض والأحكام.
قال: وكان قبل مؤمنا بتوحيده ثم نزلت الفرائض التي لم يكن يدريها قبل، فزاد بالتكليف إيمانًا. وهذه الأقوال الأربعة متقاربة.
٥ - وقال ابن خزيمة: عنى بالإيمان الصلاة، لقوله تعالى {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ} (البقرة: ١٤٣) أي صلاتكم إلى بيت المقدس، فيكون اللفظ عامًا والمراد الخصوص.
٦ - وقال الحسين بن الفضل: أي ما كنت تدري ما الكتاب ولا أهل الإيمان.
وهو من باب حذف المضاف، أي من الذي يؤمن؟ أبو طالب أو العباس أو غيرهما.
٧ - وقيل: ما كنت تدري شيئًا إذ كنت في المهد وقبل البلوغ.
وحكي الماوردي نحوه عن علي بن عيسى قال: ما كنت تدري ما الكتاب لولا الرسالة، ولا الإيمان لولا البلوغ.
٨ - وقيل: ما كنت تدري ما الكتاب لولا إنعامنا عليك، ولا الإيمان لولا هدايتنا لك، وهو محتمل.
٩ - وقيل: {مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ} أي كنت من قوم أميين لا يعرفون الكتاب ولا الإيمان، حتى تكون قد أخذت ما جئتهم به عمن كان يعلم ذلك منهم، وهو كقوله تعالى: {كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ (٤٨)} (العنكبوت: ٤٨) روي معناه عن ابن عباس رضي الله عنهما. (١)
وذلك أدخل في الإعجاز، وأدلّ على صحة نبوّته. (٢)
١٠ - أنه نفى دراية الإيمان ولم ينف الإيمان.
قال ابن عاشور: ومعنى عدم دراية الكتاب: عدم تعلق علمه بقراءة كتاب أو فهمه، ومعنى انتفاء دراية الإيمان: عدم تعلق علمه بما تحتوي عليه حقيقة الإيمان الشرعي من صفات الله وأصول الدين، وقد يطلق الإيمان على ما يرادف الإسلام كقوله تعالى {وَمَا كَانَ
(١) تفسير القرطبي ١٦/ ٤٩، وانظر الشفاء للقاضي عياض (٢/ ١٠٩).
(٢) فتح القدير للشوكاني ٤/ ٧٧٦.