وكان أيوب - عليه السلام - من أشد الناس بلاءً، ولم يزد هذا البلاء كله أيوب - عليه السلام - إلا صبرًا واحتسابًا وحمدًا وشكرًا، حتى إن المثل ليضرب بصبره - عليه السلام - (١).
وعن أنس بن مالك - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:"إن نبي الله أيوب - عليه السلام - لبث به بلاؤه ثمان عشرة سنة فرفضه القريب والبعيد إلا رجلين من إخوانه كانا يغدوان إليه ويروحان، فقال أحدهما لصاحبه ذات يوم: تعلم والله لقد أذنب أيوب ذنبًا ما أذنبه أحد من العالمين. فقال له صاحبه: وما ذاك؟ قال: منذ ثمان عشرة سنة لم يرحمه الله فيكشف ما به فلما راحا إلى أيوب لم يصبر الرجل حتى ذكر ذلك له، فقال أيوب: لا أدري ما تقولان غير أن الله تعالى يعلم أني كنت أَمُرُّ بالرجلين يتنازعان، فيذكران الله فأرجع إلى بيتي فاكفر عنهما كراهية أن يذكر الله إلا في حق، قال: وكان يخرج إلى حاجته فإذا قضى حاجته أمسكته امرأته بيده حتى يبلغ، فلما كان ذات يوم أبطأ عليها وأوحي إلى أيوب أن: {ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ (٤٢)} [ص: ٤٢]، فاستبطأته فتلقته تنظر وقد أقبل عليها قد أذهب الله ما به من البلاء وهو أحسن ما كان فلما رأته قالت: أي بارك الله فيك هل رأيت نبي الله هذا المبتلى، والله على ذلك ما رأيت أشبه منك إذ كان صحيحًا، فقال: فإني أنا هو، وكان له أندران: أندر للقمح وأندر للشعير، فبعث الله سحابتين، فلما كانت إحداهما على أندر القمح أفرغت فيه الذهب حتى فاض وأفرغت الأخرى في أندر الشعير الورق حتى فاض"(٢).
عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "بَيْنَمَا أَيُّوبُ يَغْتَسِلُ عُرْيَانًا خَرَّ عَلَيْهِ رِجْلُ جَرَادٍ مِنْ ذَهَبٍ فَجَعَلَ يَحْثِي فِي ثَوْبِهِ فَنَادَى رَبُّهُ يَا أَيُّوبُ أَلَمْ أَكُنْ أَغْنَيْتُكَ عَمَّا ترَى؟ قَالَ: بَلَى يَا رَبِّ، ولَكِنْ لَا غِنَى بِي عَنْ بَرَكَتِكَ"(٣).