الجزية إذا أخذت منهم (١) ، قال أبو عبيد (٢) : «لم يُرِدْ سعيدٌ فيما نرى بالإتعاب تَعْذيبَهم، ولا تَحْميلَهم فوق طاقتهم، ولكنه أراد أن لا يعاملوا عند طلبها منهم بالإكرام لهم، ولكن بالاستخفاف بهم» ، قال:«وأحسبه تأوَّل قول الله -تعالى-: { ... حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ}[التوبة: ٢٩] » .
واتفق أهل العلم على أنه لا ينبغي إرهاقهم وجهدهم، وأنَّ الرِّفق بهم -إذا وفَّوا بشروط الجزية- أَوْلَى. قال الله -تعالى-: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإحْسَانِ}[النحل: ٩٠] .
وخرَّج مسلم (٣) ، عن عائشة: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن الله رفيق يحبُّ الرِّفق، ويعطي على الرِّفقِ ما لا يُعطي على العُنْف، وما لا يعطي على [ما] سواه» .
وخرَّج أبو داود (٤) عن عائشة: قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «يا عائشة، ارفقي! فإن الرِّفقَ لم يكن قطُّ في شيءٍ إلا زانَه، ولا نُزِعَ من شيءٍ قطُّ إلا شانَه» .
وفي البخاري ومسلم (٥) ، عن سعيد بن أبي بُردة، عن أبيه، عن جده، أن
(١) أخرجه أبو عبيد في «كتاب الأموال» (ص ٦٧ رقم ١٤٠) عن علي بن معبد، عن عبيد الله ابن عمرو الرَّقي، عن عبد الكريم الجزري، عن سعيد، به، ورجاله ثقات. (٢) في كتابه «الأموال» (ص ٦٧) . (٣) في «صحيحه» في كتاب البر والصلة والآداب (باب فضل الرِّفق) (٢٥٩٣) (٧٧) . (٤) في «سننه» في كتاب الأدب (باب في الرفق) (رقم ٤٨٠٨) ، وفي أوله: أن شريحاً سأل عائشة -رضي الله عنها- عن البداوة؟ فقالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يبدو إلى هذه التلاع، وإنه أراد البداوة مرَّةً، فأرسل إليَّ ناقةً محرَّمةً من إبل الصدقة، فقال لي: يا عائشة، ... الحديث. وأخرج الشقَّ الثاني منه: مسلم في «صحيحه» (٢٥٩٤) (٧٨) . قال أبو داود: قال ابن الصبَّاح [وهو أحد رواة الحديث] في حديثه: مُحرَّمة: يعني: لم تُرْكَبْ. (٥) أخرجه البخاري في «صحيحه» في كتاب الجهاد والسير (باب ما يكره من التنازع، والاختلاف في الحرب، وعقوبة من عصى إمامه) (رقم ٣٠٣٨) . وأخرج نحوه في عدة مواطن (رقم ٤٣٤١، ٤٣٤٤، ٤٣٤٥، ٦١٢٤، ٧١٧٢) . وأخرجه مسلم في «صحيحه» في كتاب الجهاد والسير (باب في الأمر بالتيسير وترك التنفير) (١٧٣٣) (٧) .