للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

النَّبي - صلى الله عليه وسلم - بعث معاذاً وأبا موسى إلى اليمن، فقال: «يَسِّرا ولا تعسِّرا، وبشِّرا ولا تُنفِّرا، وتطاوعا ولا تختلفا» .

مسألة

بوَّب الترمذي (باب: ما يحل من أموال أهل الذمة) ، وأسند إلى عقبة بن عامر قال: قلت: يا رسول الله، إنّا نَمُرُّ بقومٍ، فلا هم مضيفوننا، ولا هُم يؤدّون ما لنا عليهم من الحق، ولا نأخذ منهم؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إنْ أبوا إلا أن تأخذوا كرهاً فخذوا» (١) . قال أبو عيسى: وهذا حديث حسن.

قال: «وإنَّما معنى هذا الحديث: أنهم كانوا يخرجون في الغزو، فيمرُّون بقومٍ، ولا يجدون من الطعام ما يشترون بالثمن، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إن أبوا أن يبيعوا، إلاَّ أن تأخذوا كرهاً فخذوا» . قال: «وهكذا رُوي في بعض الحديث مُفسَّراً (٢) ، وروي عن عمر بن الخطاب، أنه كان يأمر نحو هذا» (٣) .


(١) أخرجه الترمذي في «جامعه» (رقم ١٥٨٩) من طريق ابن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيب، عن أبي الخير، عن عقبة بن عامر، به، بهذا اللفظ.
قلت: في هذا الإسناد ابن لهيعة، وهو سيء الحفظ. خَلَّطَ بعد احتراق كتبه -كما قال الحافظ في «التقريب» -. فحديثه ضعيف، لا سيما وقد خالف في سياقه الليث بن سعد -وهو ثقة حافظ-. فقد أخرج حديثه البخاري في «صحيحه» في كتاب المظالم والغصب (باب قصاص المظلوم إذا وجد مال ظالمه) رقم (٢٤٦١) ، وفي كتاب الأدب (باب إكرام الضيف وخدمته إياه بنفسه) (رقم ٦١٣٧) ، ومسلم في «صحيحه» في كتاب اللقطة (باب الضيافة ونحوها) (١٧٢٧) (١٧) ، وغيرهما.
وفيه قوله - صلى الله عليه وسلم -: «إن نزلتم بقومٍ، فَأُمِرَ لكم بما ينبغي للضيف فاقبلوا، فإن لم يفعلوا، فخذوا منهم حقَّ الضيف» .
فأصل الحديث صحيح. انظر: «الإرواء» (رقم ٢٥٢٤) .
(٢) ذكر الحافظ ابن حجر في «الفتح» (٥/١٠٨) كلام الترمذي هذا، وحمله على من طلب الشراء محتاجاً، فامتنع صاحب الطعام، فله أن يأخذه منه كرهاً. ولم يتعقبه.
ولم يذكر من أخرج الرواية التي فيها الامتناع عن البيع.
(٣) أخرجه ابن زنجويه في كتاب «الأموال» (١/٣٧٠ رقم ٥٩٧) من طريق موسى بن عقبة، =

<<  <   >  >>