ليس بنسيئة (١) . وقال أبو عبيدة (٢) : كل من انطاع لمن قد قهره، فأعطاه عن غير طيب نفس؛ فقد أعطاه عن يدٍ.
وقال الشافعي (٣) : سمعتُ عدداً من أهل العلم يقولون: الصَّغار:
أن يُجْرَى عليهم حكم الإسلام. وروي عن سعيد بن المسيب أنه كان يعجبه أن يَتْعَبَ أهل
(١) تفسير قتادة لمعنى {عَن يَدٍ} ، أي: قهر. أخرجه ابن أبي حاتم في «تفسيره» (٦/١٧٨٠ رقم ١٠٠٣٦) من طريق معمر، عن قتادة. وعزاه السيوطي في «الدر المنثور» (٤/١٦٨) إلى أبي الشيخ في «تفسيره» ، وقال به السُّدِّي. وقال الزجاج: عن قهر وذل. وذكر ابن الجوزي في «تفسيره» (٣/٢٨٦) القول بأنهم يعطونها نقداً عاجلاً، ونسب هذا القول إلى شريك، وعثمان بن مقسم، وذكر أبو عبيد هذا القول، ولم ينسبه. وانظر: «معالم التنزيل» للبغوي (٣/٣٢) ، «تفسير السمعاني» (٢/٣٠١) ، «الأموال» (٦٧-٦٨) . (٢) في كتابه «مجاز القرآن» (١/٢٥٦) ، ونقله عنه ابن المنذر في «الأوسط» (١١/١٥) . وانظر: «المعيار المعرب» (٢/٢٥٠) فقد ذكر أن المصنف ذكره عن الشافعي -رحمه الله-. (٣) في كتابه «الأم» (٤/٢١٩) (باب ما يعطيهم الإمام من المنع من العدو) ، ونقله عنه ابن المنذر في «الأوسط» (١١/١٥) . وذهب إليه ابن حزم في «المحلّى» (٧/٣٤٦ المسألة رقم ٩٥٩) . ولذا، لما ذكر ابن القيم -رحمه الله- في «أحكام أهل الذمة» (١/١٢٠-١٢١) الاختلاف في معنى الصَّغار الذي يكونون عليه وقت أداء الجزية، وقال عن عكرمة: يدفعها وهو قائم، ويكون الآخذ جالساً، وذكر عن غيره: أنه يأتي بها بنفسه ماشياً لا راكباً، ويطال وقوفه عند إتيانه بها، ويُجَرُّ إلى الموضع الذي تؤخذ منه بالعنف، ثم تُجَرُّ يده ويُمْتَهن. قال بعد هذا كله: «وهذا كله مما لا دليل عليه، ولا هو مقتضى الآية، ولا نقل عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولا عن الصحابة أنهم فعلوا ذلك» . ثم قال: «والصواب في الآية أن الصَّغار: هو التزامهم بجريان أحكام الملَّة عليهم، وإعطاء الجزية، فإن التزام ذلك هو الصغار» . قلت: وقد بوّب أبو عبيد في كتابه «الأموال» (ص ٥٣) لهذه المسألة باباً خاصاً، سمّاه (باب اجتباء الجزية والخراج، وما يؤمر به من الرفق بأهلها، وينهى عنه من العنف عليهم فيها) . ثم ساق أحد عشر حديثاً؛ مدلِّلاً على قوله هذا. انظر الأحاديث (١١٠-١٢٠) .