للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومذهبه أن ذلك لا يكون إلا في خمس الخمس -كما تقدم-، إلا أن يكون تحريضاً يتقدم به قبل الغنيمة لمن يفعل فِعْلاً يُفضي إلى الظفر بالعدو، كالتجسس، والدلالة على الطريق، والتقدم بالدخول إلى دار الحرب أو الرجوع إليها بعد انفصال الجيش عنها، فله

عندهم أن يُنفَّل بجزءٍ من جملة الغنيمة المرجوَّة في ذلك؛ لحديث حبيب بن مسلمة المتقدم؛ ولأن الجيش لم يتعلَّق لهم بها حقٌ، إلاَّ على هذا الوصف، وهو في مصالحهم، كالإجارة والجُعْل.

وقولٌ: إنه لا يُزاد في النفل على الثلث -وهو قول جمهور العلماء- (١) ، ودليل هذا القول حديث حبيب بن مسلمة -المتقدم-، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يُنفِّلُ الرُّبع بعد الخمس، والثلث بعد الخمس إذا قَفَلَ. فكان ذلك أقصى ما رُوي في التَّنفيل.

وقولٌ: إنه لا يبلغُ بالنَّفلِ سهمَ راجلٍ إلا أن يكون التَّنفيل لسريَّةٍ، أو أحدٍ ممن ساق غنيمة إلى الجيش، فللأمير أن يُنفِّل من أتى بالغنيمة رُبعَ ما ساقَ بعد


= واستدل الشافعي -رحمه الله- بحديث ابن عمر -وقد مضى قريباً-، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نفلهم بعيراً بعيراً، بعد ما أخذ كل واحد من السرية التي خرجت اثني عشر بعيراً. وقال: «وفي رواية ابن عمر ما يدل على أنه نفل نصف السدس» . قال: «فهذا يدل على أنه ليس للنفل حدٌّ لا يتجاوز ما للإمام» .
وقول الشافعي هذا قال به الحنفية والمالكية خلافاً للحنابلة -كما في الهامش الآتي-.
انظر في مذهب الحنفية: «الهداية» (٢/٤٤١) ، «اللباب» (٤/١٣٠) ، «فتح القدير» (٥/٥١١) ، «إعلاء السنن» (١٢/٢٩٠) .
وفي مذهب المالكية: «المدونة» (١/٥١٧) ، «المعونة» (١/٦٠٧) ، «عقد الجواهر الثمينة» (١/٥٠٣) ، «الذخيرة» (٣/٤٢١) .
(١) هو مذهب الحنابلة فقط. انظر: «المقنع» لابن البنا (٣/١١٦٥-١١٦٦) ، «المغني» (١٣/ ٥٣-٥٧) ، «شرح المختصر» لأبي يعلى (٢/٥٤٨) ، «الواضح» (٢/٢٥٨) ، «مسائل أحمد» (١/٢٠٠- ٢٠١- رواية الكوسج، ١/٣١٥-٣١٦- رواية صالح، ٣/٨٤٧-٨٤٨- رواية عبد الله) ، «شرح الزركشي» (٦/٤٧٠) ، «رؤوس المسائل الخلافية» للعكبري (٥/٧٧٨ المسألة رقم ٢٠٢١) .
ونقله ابن عبد البر في «الاستذكار» (١٤/١٠٧) ؛ عن مكحول، والأوزاعي. وقال: «وهو قول جمهور العلماء» . فلعلَّ المصنف ذكر أنه قول الجمهور متابعةً له!

<<  <   >  >>