قال أبو سلمة (١): قالت فاطمة -رضي الله عنها -: طلقني زوجي [أبو حفص]، وهو غائب بالشام ثلاثًا بتّ طلاقي، فأتاني وكيله بشيء من شعير فسخطته، فقال: ما لَكِ عندنا نفقة وأنا تطوعت به، فأتيت النبيّ - صلّى الله عليه وسلم - فأخبرته أنّه طلقني وبت طلاقى، وقال: لا نفقة لك، فقال لها:"اِعْتدِّي في بَيْتِ اِبْنِ أُمِّ مَكْتُوم، فَإِنَّهُ رَجُلٌ أعْمَى تَضَعِينَ ثِيَابَكِ حَيثُ شِئْتِ، فَإذا حَلَلْتِ فَآذِنيني"، قالت: فآذنته - صلّى الله عليه وسلم -، فقلت: إن أبا يهم ومعاوية -رضي الله عنهما- خطباني، فقال:"أمّا مُعاوِيَةُ فَصُعْلُوكٌ لا مَالَ لَهُ، وَأَمّا أَبو جَهْم فَلا يَضَعُ عَصاهُ عَنْ عَاتِقِه، اِنكَحي أُسامَة بنَ زَيدِ"، قالت: فكحته، فما رأيتّ منه إِلَّا خيرًا (٢).
ففيه ثلاث عشرة فائدة:
(١) - منها: أن الطّلاق الثلاث يقع؛ لأنّه - صلّى الله عليه وسلم - بيّن له أحكامه، ولم يقل: أنت زوجة.
(٢) - وقال الشّافعيّ: دلّ على إباحة الثلاث.
ومالك وأبو حنيفة يحرمانه، ولو كان محرمًا لأنكره - صلّى الله عليه وسلم -.
(٣) - ومنها: أن لا نفقة للمبتوتة.
(٤) - وطلاق الغائب يجوز.
(٥) - ومن طلّق البتة مضى عليه.
(٦) - ومنها: أن المطلقة لا قواعد، ولا تعقد في العدة.
(٧) - وكذلك: جواز التعريض من ذوي الهيئات دون غيرهم، لقوله:"إذا حللت فآذنيني".
(١) في الأصل: "سليمان". والمثبت من (ط). وهو: أبو سلمة عبد الله - وقيل: إسماعيل - بن عبد الرّحمن بن عوف المخزومي الزهريّ المدني: أحد فقهاء التابعين، وعدّه بعضهم سابع فقهاء المدينة، روى عن أبيه وعثمان وطلحة رضي الله عنهم وغيرهم، وأخرج له الستة. توفي: ٩٤ هـ. انظر: السير: ٤/ ٢٧٨، التهذيب: ١٢/ ١٠٣. (٢) أخرجه مسلم في صحيحه (١٤٨٠).