وأما ما يحصل بسبب تقبيل الحجر من الثواب وهو نفع وتكفير السيئات وهو دفع ضرر فليس لذات الحجر بل للامتثال واتباع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وأما قول ملا على القارى: إنه لا يظن بأرباب العقول ولو كانوا كفارا أن يعتقدوا أن الحجر ينفع ويضر بالذات، إنما هم يعبدون الأحجار معللين بأن هؤلاء شفعاؤنا عند اللَّه، والفرق بيننا وبينهم أنهم كانوا يفعلون الأشياء من تلقاء أنفسهم ما أنزل اللَّه بها من سلطان بخلاف المسلمين فإنه يصلون إلى الكعبة بناء على ما أمر اللَّه ويقبِّلون الحجر بناء على متابعة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-. أقول: إن قوله: لا يظن بأرباب العقول ولو كان كفارا أن يعتقدوا أن الحجر ينفع ويضر بالذات قول غير سديد فإن المفهوم الظاهر من سياق القرآن أن أهل الجاهلية كانوا يعتقدون أن هذه الأحجار تنفع وتضر لذاتها بل كانوا يعلقون تمام ويعتقدون أنها تدفع عنهم الشر، فلله در أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضى اللَّه عنه وهو المحدِّث الملهم بشهادة رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، ونحن قد نرى ممن ينتسبون للإسلام من الجهلة من يتمسحون بأحجار بعض البنايات التى بنيت على قبور بعض المنتسبين للصلاح بل يطوفون حولها كما يطوف المسلم بالبيت العتيق، مع إجماع علماء الإسلام على أنه لا يجوز الطواف إلا حول الكعبة المشرفة فإن الطواف من خصائصها ولذلك قدمه اللَّه عز وجل على الصلاة