ولكن القول الثاني في المسألة: أن الكاذب منهما لا ينفسخ العقد في حقه باطنًا؛ فإذا علم الله عز وجل أن الثمن عشرة خلاف ما يقوله المشتري، والمشتري يقول: تسعة، وفسخ البيع، فإن البيع لا ينفسخ عند الله في الباطن؛ والسبب: لأن هذا المشتري يعلم أنه كاذب، وأن الثمن عشرة، وعلى هذا فإنه لا ينفسخ باطنًا فيما بينه وبين الله سبحانه وتعالى.
وكذلك بالعكس: لو كان البائع يعلم أنه باعها بتسعة لا بعشرة، ولكنه طمع وادعى أنها بعشرة، وقلنا بالتحالف، فإنه في هذه الحال على المذهب ينفسخ العقد ظاهرًا وباطنًا.
فالصواب: أنه لا ينفسخ باطنًا في حق من علم أنه كاذب؛ لأنه الله سيحاسبه على ما يعتقده.
طالب: وما يدرينا أن ( ... ).
الشيخ: هذا فيما بينه وبين الله، نفس البائع مثلًا يقول: أنت تعلم أن البيع بتسعة، والآن ادعيت أنه بعشرة وفسخت العقد، وأنت لا حق لك في فسخه؛ لأنك تعلم أن القول الصحيح ما قاله المشتري، فكيف تذهب وتفسخ البيع، وأنت تعلم أنه ما لك حق فيه، فلا ينفسخ في حقه باطنًا، يعني: في يوم القيامة يحاسب على ذلك.
طالب: معروف ( ... ).
الشيخ: لا، ما هو معروف. المذهب ينفسخ ظاهرًا وباطنًا، حتى في الآخرة لا يطالبه به.
الطالب: فنقول كيف ( ... ) والكلام ده؛ لأن هذا عند الله، إن الله يحاسب الخلائق ..
الشيخ: لا، قالوا ذلك؛ لأنه يقولون: ما يروا أنه يحاسب، يرون أنه لا يحاسب في الآخرة.
طالب: أيش ( ... )؟
الشيخ: يستندون أنه انفسخ العقد، فلما فسخ العقد ما صار لأحد حق على الآخر، ولكنهم قولهم ضعيف -رحمهم الله- في هذه المسألة.
لأنه سيأتينا في باب الصلح: أنهما إذا اصطلحا وأحدهما يعلم كذب نفسه، فإن الصلح في حقه لا ينفذ باطنًا فيما بينه وبين الله، وهذا مثله، لكنهم هنا يقولون: لما انفسخ العقد عملنا بالظاهر وقلنا: ينفسخ ظاهرًا وباطنًا.