للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تقدم لنا أن الخيار في البيع أقسام: القسم الأول: ما يثبت بمجرد العقد، وهو خيار المجلس. وذكرنا الدليل والحكمة منه، دليل خيار المجلس ( ... )، لكن إذا بيعت أمه تبعها.

يقول المؤلف رحمه الله: (ويحرم، ولا يصح تصرف أحدهما في المبيع) (يحرم ولا يصح) كلمة (يحرم) غير كلمة (لا يصح)؛ لأنه لا يلزم من التحريم عدم الصحة، ويلزم من عدم الصحة التحريم، ويش الدليل؟ الدليل: قوله عليه الصلاة والسلام: «لَا تَلَقَّوُا الْجَلَبَ، فَمَنْ تَلَقَّى فَاشْتَرَى مِنْهُ، فَإِذَا أَتَى سَيِّدُهُ السُّوقَ فَهُوَ بِالْخِيَارِ» (٦).

فهذا تحريم، والعقد صحيح؛ لأن قوله: «فَإِذَا أَتَى سَيِّدُهُ السُّوقَ فَهُوَ بِالْخِيَارِ» يدل على صحة العقد؛ إذ لا خيار إلا بعد صحة العقد؛ لأن الخيار فرْع عن الصحة، أفهمتم يا جماعة؟ هنا صار تحريم مع الصحة.

أما إذا كان الشيء لا يصح، فإنه لا يلزمه من عدم الصحة التحريم، كل شيء لا يصح فهو حرام؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «كُلُّ شَرْطٍ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَهُوَ بَاطِلٌ، وَإِنْ كَانَ مِئَةَ شَرْطٍ» (١). قال ذلك محذرًا من الشروط التي ليست في كتاب الله.

المؤلف رحمه الله يقول: (يحرم ولا يصح)، فجمع بين أمرين، فلا يجوز للبائع، ولا المشتري، ولا يصح منهما أن يتصرفا في المبيع. لماذا؟ لأن تصرفه في المبيع يستلزم سقوط حق الآخر؛ فهو إذن ظُلم وعدوان.

مثاله: اشتريتُ منك بيتًا، واشترطت الخيار لمدة ستة أشهر، هل يجوز لك أن تبيع هذا البيت؟ أنت البائع، ما يجوز، ولو فعلت لم يصح، وهل يجوز لي أنا -أيها المشتري- أن أبيع هذا البيت؟ لا، ولو فعلت لم يصح؛ لأن البائع لو تصرف، وأنكرنا تصرفه جنينا على مَنْ؟ على المشتري، والمشتري لو تصرف، وأنكرنا تصرفه جنينا على البائع، وعلى هذا فتقول: لا يصح أن يتصرف لا البائع ولا المشتري في المبيع في مدة الخيار.

<<  <  ج: ص:  >  >>