وعللوا ذلك بأن المغرب وتر النهار كما جاء في الحديث، والوتر لا يسن تكراره، فإنه لا وتران في ليلة، أيضًا لا وتران في يوم.
ولكن هذا التعليل فيه شيء؛ لأنه يمكن أن نقول: الفارق بين هذا وبين وتر الليل: أن إعادة هذا الوتر له سبب، وهو إقامة الجماعة الثانية، بخلاف وتر الليل، فإنه لا يعاد، لكن هذا يعاد من أجل السبب الذي حدث، وهو حضور الجماعة، هذا وجه، يعني هذا وجه الفرق بين وتر الليل ووتر النهار.
الشيء الثاني نقول: إن عموم قول النبي صلى الله عليه وسلم: «إِذَا صَلَّيْتُمَا فِي رِحَالِكُمَا، ثُمَّ أَتَيْتُمَا مَسْجِدَ جَمَاعَةٍ فَصَلِّيَا مَعَهُمْ» يشمل المغرب؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يستثن شيئًا.
وبهذا صار القول الصحيح في هذه المسألة: أنه يعيد حتى المغرب؛ لأن لها سببًا، وهو إقامة الصلاة مرة ثانية في هذا المسجد.
فإن قال قائل: هل يسن أن يقصد مسجدًا للإعادة، بمعنى أنه إذا صلى في جماعة مبكرة، وهو يعلم أن هناك جماعة متأخرة؛ هل يسن أن يذهب إلى المسجد للإعادة؟
الجواب: لا يسن؛ لأن ذلك ليس من عادة السلف، ولو كان هذا من أمور الخير لكان أول الناس فعلًا له من؟
طلبة: الصحابة.
الشيخ: الصحابة السلف، ولا كانوا يفعلون هذا، لكن إذا كان هناك سبب استوجب أن تحضر إلى المسجد، فإذا حضرت وأقيمت الصلاة فصلى معهم فإنها نافلة.
ونأخذ من هذه الحكم الشرعي: أن للشرع نظرًا في توافق الناس وائتلافهم وعدم تفرقهم؛ لأننا طالبنا هذا أن يعيد الصلاة من أجل أن يكون مع المسلمين، لا يدخل المسجد ويبقى وحده، ويقول: أنا صليت، نقول: صل مع المسلمين، فإن هذا أفضل، حتى يكون مظهر الأمة الإسلامية مظهرًا واحدًا، لا تختلف فيه.