ونخلص من هذا إلى أن ما يفعله بعض الناس في قيام رمضان؛ إذا صلوا عشر ركعات خلف إمام يصلي عشرين ركعة تجدهم يجلسون ويدعون الإمام، حتى إذا شرع في الوتر قاموا فأوتروا معه، فإن هذا عمل خلاف ما دلت عليه السنة، وخلاف ما كان السلف يتحرونه من موافقة الإمام في اجتهاداته.
وإذا كان الصحابة رضي الله عنهم وافقوا عثمان في زيادة الصلاة، في نفس ركوعاتها، فكيف بزيادة صلاة مستقلة؟ فالصحابة رضي الله عنهم تابعوا عثمان حينما أتم الصلاة في منى، فإن المعروف من سنة الرسول صلى الله عليه وسلم، وسنة أبي بكر، وسنة عمر، وسنة عثمان، ثمانية سنوات أو ست سنوات من خلافته أنهم كانوا يصلون في منى ركعتين، وفي آخر خلافة عثمان صار يصلي أربعا، حتى إن ابن مسعود رضي الله عنه لما بلغه ذلك استرجع، وقال: إنا لله وإنا إليه راجعون. فجعل هذا أمرًا عظيمًا، ومع ذلك كانوا يصلون خلفه أربع ركعات مع إنكارهم عليه، كل هذا من أجل درء الخلاف، حتى قيل لابن مسعود: يا أبا عبد الرحمن، كيف تصلي مع عثمان أربع ركعات وأنت تنكر هذا؟ فقال: إن الخلاف شر (١٠). وهذا هو الصحيح، هذا هو الذي أمر الله به، {وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً}[المؤمنون: ٥٢]، {أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ}[الشورى: ١٣]، {إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ}[الأنعام: ١٥٩].