أحدهما: استعمال المباعدة في ترك المؤاخذة، والمباعدة إنما تكون في الزمان، أو المكان.
الثاني: استعمالُها في الإزالة الكلية، مع أن أصلها لا يقتضي الزوال، وليس المراد: البقاء مع البعد، ولا ما يطابقه من المجاز؛ بل المراد: الإزالة الكلية؛ وكذلك التشبيه بالمباعدة بين المشرق والمغرب؛ فإن المراد منه: ترك المؤاخذة.
وقوله:"من الدَّنَس"؛ وهو -أيضًا- مجاز عن زوال الذنوب، وأثرها.
ولا شك أن الدنس في الثوب؛ بلونٍ غيرِ البياض، وطعمٍ غيرِ طَيِّبٍ، ورائحةٍ كريهة، وكلُّه دنسٌ، وجاء في رواية في "صحيح مسلم": "من الدَّرَن"(١)، وفي رواية:"من الوَسَخ"(٢)؛ ولما كان ذلك في الثوب الأبيض أظهرَ من غيره من الألوان؛ وقع التشبيهُ به.
وقوله:"اغسِلْني"، إلى آخره؛ فهو مجاز عن المؤاخذة؛ كما ذكرنا، ويحتمل بعده أمران:
أحدهما: التعبير بالغسل؛ عن الغاية بالمحو بمجموع أنواع المياه، في مشاهدة نزولها إلى الأرض؛ من الماء، والثلج، والبرد؛ فيكون المراد منه: التواب الذي، تكرر تنقيته للذنوب، بثلاثة أشياء منقية؛ يكون في غاية النقاء.
الثاني: يكون كل واحد من الثلاثة مجازًا عن صفة يقع بها التكفير، والمحو؛
(١) رواه مسلم (٤٧٦) (١/ ٣٤٧)، كتاب: الصلاة، باب: ما يقول إذا رفع رأسه من الركوع، عن عبد الله بن أبي أوفى - رضي الله عنه -. (٢) رواه مسلم (٤٧٦) (١/ ٣٤٦)، كتاب: الصلاة، باب: ما يقول إذا رفع رأسه من الركوع.