وأصحُّ ما فُسر به الحديث بما ثبت في رواية أخرى؛ لا سيَّما في "صحيح البخاري".
وقال الماوردي، والشيخ أبو إسحقَ الشيرازيُّ - رحمه الله -: المرادُ بالفطرة هنا: الدِّين.
الأول: هو الصحيح، ثمَّ إنَّ معنى الحديث: أن هذه الخصال من سنن الأنبياء الذين يُقتدى بهم - عليهم الصلاة والتسليم -.
قال الخطابي - رحمه الله -: وأول من أمر بها من الأنبياء - صلوات الله وسلامه عليهم -: إبراهيم - صلى الله عليه وسلم -، وهو معنى قوله تعالى:{وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ}[البقرة: ١٢٤].
قال ابن عباس - رضي الله عنهما -: بهؤلاء الخصال، فلمَّا فعلهنَّ، قال الله تعالى:{قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا}[البقرة: ١٢٤]؛ أي: يُقتدى بك، ويُستَنُّ بسُنَّتِك (١).
والفطرة: بمعنى الجِبِلَّة التي خلق الله الناسَ عليها، وجبلَهم على فعلها.
وأمَّا الفطرة، في قوله - صلى الله عليه وسلم -: "كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الفِطْرَةِ"(٢)، فقال أهل اللغة: هي خلقه لهم، وقيل: الإيمان بالله الَّذي كان أقر به لمَّا أخرجه من ظهر آدم.
= البخاري، فلعل هذا الَّذي أوقع المؤلف في الغلط، والله أعلم. (١) انظر: "معالم السنن" للخطابي (١/ ٤٢). (٢) رواه البخاري (١٣١٩)، كتاب: الجنائز، باب: ما قيل في أولاد المشركين، ومسلم (٢٦٥٨)، كتاب: القدر، باب: معنى: "كل مولود يولد على الفطرة"، من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.