١ - قال أبو حاتم (ت:٢٥٥): «وقالَ أبو عبيدةَ: أسْرَرْتُ الشَّيءَ: أخْفَيتُهُ وأظْهَرْتُهُ أيضاً. وكانَ يقولُ في هذه الآيةِ:{وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ}[يونس: ١٠]: أظهروها (١). ولا أثقُ بقولِه في هذا، والله أعلم» (٢).
٢ - وقال أبو حاتم (ت:٢٥٥): «وكانَ أبو عبيدةَ يقولُ: خافَ: منَ الخوفِ ومنَ اليقينِ. وكانَ يقولُ في قوله تعالى:{فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُوا}[النساء: ٣]؛ يريد: أيقنتم (٣). ولا عِلْمَ لي بهذا؛ لأنَّه قرآنٌ، فإنما تحكيه عنْ ربِّ العالمينَ، ولا تدري لعله ليس كما يظُنُّ» (٤).
الثالث: توقُّفُه في بعض التَّفسيرِ:
تجدُ في منهجِ ابن دريدٍ (ت:٣٢١) أنه يتوقَّفُ في المعنى المرادِ ببعضِ الألفاظِ في الآياتِ (٥)، ولا يُقْدِمُ على تفسيرِها تورُّعاً منه في ذلك، ومنَ الأمثلةِ الواردةِ في ذلك ما يأتي:
* قوله:«وأما قوله: {وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ}[التكوير: ٦] أي: خَلَتْ من الماء، وزعموا أنه من الأضدادِ، ولا أحبُّ أن أتكلم فيه»(٦).
* وقال:«والحين: حقبة من الدَّهر، وقد جاء في التَّنْزيل، واختلف فيه المفسِّرون، ولا أحب أن أتكلم فيه»(٧).
سلسلة التَّورُّع في التَّفسير من ابن دريد إلى الأصمعيِّ:
ولا يخفى على منْ يقرأُ كتبَ ابنِ دريدٍ (ت:٣٢١) ما كانَ لأبي حاتمٍ
(١) مجاز القرآن (٢:٣٤). (٢) الأضداد، لأبي حاتم، تحقيق: محمد عودة (ص:١٣٠). (٣) مجاز القرآن (١:١١٦). (٤) الأضداد، لأبي حاتم، تحقيق محمد عودة (ص:١٠١). (٥) ينظر في هذا: الجزء الأول: حسبان (ص:٢٧٧)، الرحيق (ص:٥١٩)، والجزء الثاني: الأعراف (ص:٧٦٦)، الأثام (ص:١٠٣٦). (٦) جمهرة اللغة (١:٤٥٧). (٧) جمهرة اللغة (١:٥٧٥).