وأما مقيس بن صبابة، فأدركه الناس في السوق فقتلوه. وأما عكرمة، فركب البحر، فأصابتهم عاصف، فقال أصحاب السفينة أخلصوا فإن آلهتكم لا تغني عنكم شيئًا ها هنا. فقال عكرمة: والله لئن لم ينجني من البحر إلا الإخلاص لا ينجيني في البر غيره، اللهم إن لك علي عهدًا إن أنت عافيتني مما أنا فيه أن آتي محمدًا ﷺ حتى أضع يدي في يده، فلأجدنه عفوًا كريمًا فجاء فأسلم. وأما عبد الله بن سعد بن أبي السرح فإنه اختبأ عند عثمان بن عفان فلما دعا رسول الله ﷺ إلى البيعة جاء به حتى أوقفه على النبي ﷺ قال: يا رسول الله بايع عبد الله قال: فرفع رأسه فنظر إليه ثلاثًا كل ذلك يأبي، فبايعه بعد ثلاث، ثم أقبل على أصحابه فقال:(أما كان فيكم رجل رشيد يقوم إلى هذا حيث رآني كففت يدي عن بيعته، فيقتله)، فقالوا: وما يدرينا يا رسول الله ما في نفسك هلا أومأت إلينا بعينك، قال:(إنه لا ينبغي لنبي أن يكون له خائنة أعين)(١).
٦٥٣ - من حديث أم هانئ ﵂ قال: "ذهبت إلى رسول الله ﷺ عام الفتح فوجدته يغتسل، وفاطمة ابنته تستره، قالت: فسلمت عليه فقال: (من هذه؟) فقلت: أنا أم هانئ، بنت أبي طالب، فقال:(مرحبًا بأم هانئ). فلما فرغ من غسله قام فصلى ثماني ركعات ملتحفًا في ثوب واحد، فلما انصرف قلت: يا رسول الله زعم ابن أمي علي أنه قاتل رجلًا قد أجرته فلان بن هبيرة. فقال رسول الله ﷺ:(قد أجرنا من أجرت يا أم هانئ) قالت: أم هانئ وذاك ضحى) (٢).
(١) أخرجه النسائي في تحريم الدم باب حكم المرتد: ٧/ ١٠٥ - ١٠٦، أبو داود في الجهاد باب قتل الأسير، ولا يعرض عليه الإِسلام حديث رقم:٢٦٨٣، وفي الحدود باب حكم من ارتد: ٤٣٥٩، البيهقي في السنن: ٧/ ٤٠،البزار: ١٨٢١، والحاكم في المستدرك ٣/ ٤٥، وصححه ووافقه الذهبي، وأبو يعلى في المسند: ٧٥٧، والطحاوي في شرح معاني الآثار: ٣/ ٣٣٠، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد: ٦/ ١٦٨، ١٦٩، رواه أبو داود وغيره باختصار، ورواه أبو يعلى والبزار، ورجالهما ثقات، قلت: ورجاله رجال الصحيح وقد جاء من حديث سعيد بن يربوع المخزومي شبيهًا بهذا اللفظ أخرجه أبو داود في الجهاد باب قتل الأسير ولا يعرض عليه الإِسلام، رقم: ٢٦٨٤، وقال الهيثمي في المجمع: ٦/ ١٧٣، رواه الطبراني ورجاله ثقات. (٢) أخرجه البخاري في الصلاة باب الصلاة في الثوب الواحد حديث رقم: ٣٥٧، في الجزية والموادعة باب أمان النساء: ٣١٧١، مسلم في صلاة المسافرين وقصرها باب صلاة الضحى حديث: ٣٣٦، أبو داود في الجهاد باب أمان المرأة: ٢٧٦٣، الترمذي السير باب ما جاء في أمان المرأة والعبد: ١٥٧٩، وقال حسن صحيح، ابن ماجه في الطهارة باب المنديل بعد الوضوء: ٤٦٥، مالك في الموطأ: ١/ ١٥٢، قصر الصلاة باب صلاة الضحى، الدارمي: ٢/ ٢٣٤ - ٢٣٥، النسائي في الكبرى كما أشار إلى ذلك في تحفة الأشراف حديث رقم: ١٨٠١٨، قلت: وعند ابن إسحاق أنهما رجلان من أحمائها أجارتهم فأجارهم ﵇ (سيرة ابن هشام: ٢/ ٤١١).