بناءً على قول المؤلف: نعم، لأنّه قال:(لا نكاح إلّا بوليٍّ وشاهدين)، وهذه الزيادة - وشاهدين - جاءت في نفس حديث:«لا نكاح إلّا بولي»، وجاء في بعض الروايات:«لا نكاح إلّا بوليٍّ وشاهدي عدل»(١) ولكن زيادة: «وشاهدي عدل» لا تصح، والصحيح أنّها ضعيفة، الصحيح فقط:«لا نكاح إلا بولي».
وقد اختلف العلماء في حكم الإشهاد في النّكاح؛ فجعل بعضهم ذلك شرطاً كما هو ظاهر كلام المؤلف -رحمه الله-، والبعض جعل الشرط: الإعلان وليس الإشهاد، فبمجرد أن يُعلَن النّكاح يكون صحيحاً.
والصحيح ما قاله ابن المنذر -رحمه الله-، قال: وليس يثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في إثبات الشاهدين في النّكاح خبر، إلّا حديث مرسل عن الحسن عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في إثبات الشاهدين لا تقوم به الحجّة، ولم يرفعه أكثرهم.
يعني أكثر المحدثين أو الرواة الذين رووا الحديث لم يرفعوه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -.
قال: وإيجاب الشهود في عقد النكاح إيجاب فرض، والفرائض لا يجوز إيجابها إلّا بحجّة، ولا حجّة مع من أوجب الشاهدين عند عقد النّكاح.
قال: والدليل على صحة النكاح من غير شهود حديث أنس قال: «كنت رديف أبي طلحة يوم خيبر قال: ووَقَعَت في سهم دحية جارية جميلة فاشتراها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من دحية بسبعة أرؤس، فجعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وليمتها التمر والأقط والسمن، وقال الناس: ما ندري أتزوجها أم جعلها أم ولد، فقالوا: إن حجبها فهي امرأته، وإن لم يحجبها فهي أم ولد، فلمّا أراد أن يركب حجبها حتى قعدت على عجز البعير، قال: فعرفوا أنّه تزوجها»(٢)، قال ابن المنذر: ففي هذا الحديث إذ استدل من حضر رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - على تزويج صفية بالحجاب دليلٌ
(١) أخرجه ابن حبان (٤٠٦٣)، والدارقطني في «سننه» (٣٥٣٤)، والبيهقي في «الكبرى» (٧/ ٢٠٢) من حديث عائشة رضي الله عنها. ولها شواهد أخرى؛ ولكنها لا تصح في شيء منها، انظرها في «الروض الباسم بترتيب وتخريج فوائد تمام» (٢/ ٤٠١ فما بعده). (٢) أخرجه البخاري (٥١٥٩)، ومسلم (١٣٦٥).