وقد حَدَّث أبو جمرة قال: قلت لابن عباس - رضي الله عنهما -: إني رجل سريع القراءة، وربما قرأت القرآن في ليلة مرة أو مرتين، فقال ابن عباس - رضي الله عنهما -: «لأن أقرأ سورة واحدة أعجب إليَّ من
أن أفعل ذلك الذي تفعل، فإن كنت فاعلًا ولا بد، فاقرأ قراءة تُسْمِعُها أُذنيك ويعيها قلبك» (١).
وقال ابن مسعود - رضي الله عنه -: «لا تَهُذُّوا القرآن هَذَّ الشِّعْر، ولا تَنْثُرُوه نَثْر الدَّقل، وقِفُوا عند عجائبه، وحَرِّكُوا به القلوب، ولا يكن هَمُّ أحدِكم آخر السورة»(٢).
وقال الحسن البصري - رحمه الله -: «يا ابن آدم! كيف يَرِقّ قلبك، وإنما هِمَّتُك في آخر السورة؟ ! »(٣).
وفي الباب آثار عن السلف - رضي الله عنهم - في الإنكار على من أسرع في القراءة:
يقول النووي - رحمه الله -: «قال العلماء: والترتيل مستحب للتدبر وغيره ... لأن ذلك أقرب إلى التوقير والاحترام، وأشد تأثيرًا في القلب»(٤).
قال القرطبي - رحمه الله -: «الترتيل أفضل من الهَذّ؛ إذ لا يصح التدبر مع الهَذّ»(٥).
(١) مضى تخريجه قريبًا. (٢) أخرجه البيهقي في الشعب (١٨٨٣)، والآجري في أخلاق حملة القرآن ص: ٢، وأورده البغوي في التفسير (٤/ ٤٠٧). (٣) رواه أحمد في الزهد (ص ٢٠٩). (٤) التبيان ص: ٧٢. (٥) تفسير القرطبي (١٥/ ١٩٢).