وفيه دليل عَلى [أن](١) أبا ذر كَانَ لا يرى بطاعة الإمام إِذا نهاه عن الفتيا؛ لأنه كَانَ يرى أن ذَلِكَ [١٢٩/ أ] واجب عليه؛ لأمر النَّبِي - صلى الله عليه وسلم - بالتبليغ عنه كما تقدم، ولعله أيضًا سمع الوعيد في حق من كتم علمًا يعلمه، وسيأتي لعلي مع عُثْمَان نَحوه.
و(الصَّمْصَامة) بالمهملتين الأولَى مفتوحة: هو السيف الصارم الَّذِي لا ينثني، وقيل: الذِي له حدٌّ واحد.
و(تُجِيزوا) بضم المثناة وكسر الجيم وبعد الياء زاي، أي: تكملوا قتلي، ونكر "كلمة" لتشمل القليل والكثير، والمراد: أنه يبلغ ما تحمله في كل حال، ولا ينتهي عن ذَلِكَ ولو أشرف عَلى القتل.
و"لو" في كلامه لمجرد الشرط من غير أن يلاحظ الامتناع، والمراد: أن الإنفاذ حاصل عَلى تقدير وضع الصمصامة، [و](٢) عَلى تقدير عدم حصوله أولى، فهو مثل قَوْله "لو لَم يخف الله لَم يعصه".
قَوْلُهُ:(وَقَالَ ابن عباس) هذا التعليق وصله ابن أبي عاصم أيضًا بإسناد حسن، والخطيب بإسناد آخر حسن (٣). وقد فسر ابن عباس "الرباني" بأنه الحكيم الفقيه، ووافقه ابن مسعود فيما رَوَاهُ إبراهيم الحربي في غريبه عنه بإسناد صحيح.
وَقَالَ الأصمعي والإسماعيلي: الرباني نسبة إلَى الرب، أي: الذِي يقصد ما أمره
(١) زيادة من "الفتح". (٢) زيادة من "الفتح". (٣) وأخرجه الطبري في "تفسيره" (سورة آل عمران، قَوْلُهُ تعالَى: {وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ (٧٩)}) (٣/ ٢٢٢).