(عن أنس) وللأصيلي: (ثنا أنس بن مالك) فأمِنا تدليس حميد، وهو من رواية صحابي عن صحابي: أنس، عن عُبَادة.
قوله:(خرج يُخبر بليلة القدر) أي: بتعيين ليلة القدر.
قوله:(فتلاحى) بفتح الحاء المهملة مشتق من التلاحي بكسرها: وهو التنازع والمخاصمة، والرجلان أفاد ابن دحية أنهما عبد الله بن أبي حَدْرَد بحاء مفتوحة ودال ساكنة مهملتين ثم راء مفتوحة ثم دال مهملة أيضًا، وكعب بن مالك.
وقوله:(فرفعت) أي: رفع تعيينها عن ذكري، هذا هو المعتمد هنا، والسبب فيه ما أوضحه مسلم من حديث أبي سعيد في هذه القصة قَالَ:"فجاء رجلان يَحْتَقَّان" بتشديد القاف أي: يدَّعي كل منهما أنه المحق "معهما الشيطان فنسيتها"(١).
قَالَ القاضي عِياض: فيه دليل عَلى [أن](٢) المخاصمة مذمومة، وأنها سبب في العقوبة المعنوية، وفيه أن المكان الَّذِي يحضره الشيطان ترفع منه البركة والخير.
فإن قيل: كيف تكون المخاصمة في طلب الحق مذمومة؟
قلنا: إنَّما كانت كذلك لوقوعها في المسجد، وهو محل الذكر لا اللغو، ثم في الوقت المخصوص أيضًا بالذكر لا اللغو وهو شهر رمضان، ثم إنها مستلزمة لرفع الصوت، ورفعه بحضرة الرسول - صلى الله عليه وسلم - منهي عنه لقوله تعالَى: {لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ
(١) "صحيح مُسْلِم" (كتاب الصيام، باب: فضل ليلة القدر. . .) برقم (١١٦٧). (٢) زيادة من "الفتح".