وهو الذي أشار إليه في حديث عدي، حيث قال:(فليأت التقوى). وقد يكون من حيث المصلحة الراجحة الدنيويَّة التي تطرأ عليه بسبب تركها حرجٌ ومشقَّةٌ. وهي التي أشار إليها النبي صلى الله عليه وسلم بقوله:(لأن يلج أحدكم بيمينه آثم له عند الله من أن يكفر)(١) يعني بذلك: أن استمراره على مقتضى يمينه إذا أفضى به إلى الحرج - وهو المشقة - قد يفضي به إلى أن يأثم، فالأولى به أن يفعل ما شرع الله له من تحنيثه نفسه وفعل الكفارة (٢).
وغضب عدي في الحديث الأول ويمينه سببهما: أن الرَّجل السائل لم يرض بالدِّرع والمغفر مع أنه لم يكن عنده غيرهما. ويمينه في الحديث الثاني وما يفهم من غضبه فيه سببه فيما يظهر من مساق الحديث: أن عديًّا استقل ما سُئِل منه. ألا ترى قوله: تسألني مائة درهم، وأنا ابن حاتم؟ ! فكأنه قال: تسألني هذا الشيء اليسير وأنا من عرفت؛ أي: نحن معروفون ببذل الكثير. فهذا سبب غير السبب
(١) الحديث في صحيح مسلم (١٦٥٥) (٢٦). (٢) في حاشية (م): الحرج الذي يلحقه في المضيِّ على اليمين أشدُّ من الحرج الذي يلحقه في إخراج الكفارة. هذا معناه.