فَقَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: أَفلَحَ إِن صَدَقَ.
ــ
و(قوله: أَفلَحَ وأَبِيهِ إن صَدَقَ) أي: فاز بمطلوبه؛ قال الهَرَوِيُّ: العرب تقول لكلِّ من أصاب خيرًا: مُفلِح، قال ابنُ دُرَيدٍ: أَفلَحَ الرجلُ وأَنجَحَ: إذا أدرَكَ مطلوبَهُ. وأصلُ الفلاح الشَّقُّ والقطع؛ قال الشاعر:
و(قوله: وأبيه) الروايةُ الصحيحةُ التي لا يُعرَفُ غيرُها هكذا، بصيغة القسم بالأب. وقال بعضهم: إنَّما هي: واللهِ وصُحِّفَت بأَن قُصِرَتِ اللامان؛ فالتبسَت بأبيه؛ وهذا لا يُلتَفَتُ إليه؛ لأَنَّهُ تقديرٌ يَخرِمُ الثقةَ برواية الثقاتِ الأثبات.
وإنَّما صار هذا القائلُ إلى هذا الاحتمال؛ لِمَا عارضَهُ عنده مِن نهيه - صلى الله عليه وسلم - عن الحلف بالآباء؛ حيثُ قال: لَا تَحلِفُوا بِآبَائِكُم؛ مَن كاَنَ حَالِفًا فَليَحلِف باللهِ أو لِيَصمُت (٢). وَيُنفَصَلُ عن هَذَا مِن وجهين:
أحدهما: أَن يقال: إنَّ هذا كان قبل النَّهيِ عن ذلك.
والثاني: أن يكونَ ذلك جَرَى على اللسان بِحُكمِ السَّبقِ مِن غَيرِ قَصدٍ
(١) هذا عجز بيت، وصدره: قد عَلِمَتْ خيلُكَ أنِّي الصَّحْصَحُ. (٢) رواه البخاري (٦٦٤٦)، ومسلم (١٦٤٦) من حديث ابن عمر رضي الله عنهما.