(حب يع) , وَعَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ - رضي الله عنه - قَالَ: خَرَجَ جَيْشٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ - أَنَا أَمِيرُهُمْ - حَتَّى نَزَلْنَا الْإسْكَنَدَرِيّةَ، فَقَالَ عَظِيمٌ مِنْ عُظَمَائِهِمُ: أخْرِجُوا إِلَيَّ رَجُلًا يُكَلِّمُنِي وَأُكَلِّمُهُ، فَقُلْتُ: لَا يَخْرُجْ إِلَيْهِ غَيْرِي، فَخَرَجْتُ وَمَعِي تَرْجُمَانِي , وَمَعَهُ تَرْجُمَانَهُ، حَتَّى وُضِعَ لَنَا (مِنْبَرَانِ) (١) فَقَالَ: مَا أَنْتُمْ؟، فَقُلْتُ: " إِنَّا نَحْنُ الْعَرَبُ، أَهْلُ الشَّوْكِ وَالْقَرَظِ (٢) وَأَهْلُ بَيْتِ اللهِ، كُنَّا أَضْيَقَ النَّاسِ أَرْضًا، وَأَشَدَّهُمْ عَيْشًا، نَاكُلُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ , وَيَغِيرُ بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ حَتَّى خَرَجَ فِينَا رَجُلٌ لَيْسَ بِأَعْظَمِنَا يَوْمَئِذٍ شَرَفًا، وَلَا أَكْثَرِنَا مَالًا، وَقَالَ: " أَنَا رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ، يَامُرُنَا بِمَا لَا نَعْرِفُ، وَيَنْهَانَا عَمَّا كُنَّا عَلَيْهِ وَكَانَتْ عَلَيْهِ آبَاؤُنَا "، فَكَذَّبْنَاهُ , وَرَدَدْنَا عَلَيْهِ مَقَالَتَهُ، حَتَّى خَرَجَ إِلَيْهِ قَوْمٌ مِنْ غَيْرِنَا، فَقَالُوا: نَحْنُ نُصَدِّقُكَ وَنُؤْمِنُ بِكَ وَنَتَّبِعُكَ، وَنُقَاتِلُ مَنْ قَاتَلَكَ، فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ وَخَرَجْنَا إِلَيْهِ، فَقَاتَلْنَاهُ فَقَتَلَنَا، وَظَهَرَ عَلَيْنَا وَغَلَبَنَا , وَتَنَاوَلَ مَنْ يَلِيهِ مِنَ الْعَرَبِ، فَقَاتَلَهُمْ حَتَّى ظَهَرَ عَلَيْهِمْ فَلَوْ يَعْلَمُ مَنْ وَرَائِي مِنَ الْعَرَبِ مَا أَنْتُمْ فِيهِ مِنَ الْعَيْشِ، لَمْ يَبْقَ أَحَدٌ إِلَّا جَاءَكُمْ حَتَّى يَشْرَكَكُمْ فِيمَا أَنْتُمْ فِيهِ, فَضَحِكَ ثُمَّ قَالَ: إِنَّ رَسُولَكُمْ قَدْ صَدَقَ، قَدْ جَاءَتْنَا رُسُلُنَا بِمِثْلِ الَّذِي جَاءَ بِهِ رَسُولُكُمْ، فَكُنَّا عَلَيْهِ حَتَّى ظَهَرَتْ فِينَا مُلُوكٌ، فَجَعَلُوا يَعْمَلُونَ بِأَهْوَائِهِمْ , وَيَتْرُكُونَ أَمْرَ الأَنْبِيَاءِ، فَإِنْ أَنْتُمْ أَخَذْتُمْ بِأَمْرِ نَبِيِّكُمْ , لَمْ يُقَاتِلْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا غَلَبْتُمُوهُ , وَلَمْ يُشَارِرْكُمْ (٣) أَحَدٌ إِلَّا ظَهَرْتُمْ عَلَيْهِ، فَإِذَا فَعَلْتُمْ مِثْلَ الَّذِي فَعَلْنَا وَتَرَكْتُمْ أَمْرَ نَبِيِّكُمْ، وَعَمِلْتُمْ مِثْلَ الَّذِينَ عَمِلُوا بِأَهْوَائِهِمْ , فَخُلِّيَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ، لَمْ تَكُونُوا أَكْثَرَ عَدَدًا مِنَّا، وَلَا أَشَدَّ مِنَّا قُوَّةً، قَالَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ: فَمَا كَلَّمْتُ رَجُلًا قَطُّ (أَذْكَى) (٤) مِنْهُ. (٥)
(١) (يع) ٧٣٥٣(٢) القَرَظ: ورق شجر السَّلَم , يُدْبَغُ بِه.(٣) أي: يَفعل بكم شرًّا يُحْوِجُكُم أن تفعلوا به مثلَه.(٤) (يع) ٧٣٥٣(٥) (حب) ٦٥٦٤ , انظر صحيح موارد الظمآن: ١٤٢٩
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute