وقالت عائشة: صنعت له ثوبا من صوف فلبسه، وعرق فيه (١) فشم رائحة الصوف فألقاه عنه في الحال، لأنه كان يكره الرائحة الكريهة إلى الغاية، ويحب الرائحة الطيبة.
قال ابن عباس: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في أحسن حلة. وقال أبو رمثة رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يخطب وقد لبس بردا أخضر، والبرد الأخضر هو برد فيه. خطوط خضر، لأنه أخضر خالص، ووسادته من أديم حشوها ليف.
وأكثر الناس قد صاروا فئتين:
فئة اختاروا البعد عن الملابس الجميلة واقتصروا على المرقعات والمحفرات.
وفئة اختاروا أفخر الملابس، وأشرف الثياب، ولبسوا الناعم المزين ذا الشهرة، وهاتان الفئتان مخالفتان لسنة النبي - صلى الله عليه وسلم -، لأنه قال:"من لبس ثوب شهرة لبس يوم القيامة ثوب مذلة"(٢).
[فصل أمر الرسول في الملابس]
النبي - صلى الله عليه وسلم - لبس السراويل، ولبس العمامة بغير قلنسوة، ومع القلنسوة، والقلنسوة بغير العمامة، وكان يجعل العذبة بين كتفيه في أكثر الأحوال (٣)، وجاء في بعض الأحاديث أنَّه - صلى الله عليه وسلم - قال:"رأيت رب العزة في الصوم فقال: يا محمد فيما يختصم الملأ الأعلى؟ فقلت: لا أدرى. قال: فوضع يديه بين كتفي، فعلمت ما بين السماء والأرض"(٤).
(١) انظر صحيح مسلم (٢٠٨١)، ومسند الإمام أحمد (٦/ ١٦٢). (٢) انظر صحيح البخاري (١٠/ ٢٤٤)، ومسلم (٢٠٦٨)، وسنن النسائى (ج ٨ ص ٢٠١). (٣) انظر سنن أبى داود (٤٠٢٥)، والترمذي (١٧٦٢) وهو حديث حسن. (٤) لهذا الحديث طرق متعددة وروايات مختلفة ذكرها السيوطي في الدر المنثور (ج ٥ ص ٣١٩، ٣٢٠)، وقد رواه أحمد في المسند (ج ٥ ص ٢٤٣) مطولا من حديث عبد الرحمن بن عياش الحضرمى، وأورده الإمام ابن الجوزى في زاد المسير (ج ٧ ص ١٥٥).