(عاد) إلى حاله (ببرئه) من المرض؛ لزوال موجب الضمان، وكذا: لو انقلع سنُّه ثم عاد (٢٧)، فإن ردَّ المغصوب معيبًا، وزال عيبه في يد مالكه، وكان أخذ الأرش: لم يلزمه ردُّه؛ لأنه استقر ضمانه بردِّ المغصوب وإن لم يأخذه: لم يسقط ضمانه؛
يضمن ذلك: لتحايل كثير من الناس إلى إمساك حقوق غيرهم حتى تنقص أثمانها، ثم يغردُّونها فدفعًا لذلك: شرع هذا، فإن قلتَ: لا يضمن الغاصب هذين الدرهمين، وهو ما ذكره المصنف هنا؛ للقياس؛ بيانه: كما أن الغاصب لو ردَّ الثوب وهو لم ينقص منه شيء: فإنه لا يضمن شيئًا، فكذلك الحال هنا، والجامع: أنه ردَّ العين -وهو الثوب- بحالها لم تنقص منها عين ولا صفة فلم يلزمه شيء في كل، قلتُ: لا نسلِّم ذلك، بل نقصت قيمته؛ إذ لو باعه مالكه في أثناء وقت غصبه لكانت قيمته عشرة، ولكن منع من ذلك الغاصب، فيكون الغاصب هو المتسبِّب في نقص ثمنه، وهذا مضر بمالكه، ورفع الضرر عن الآخرين مطلوب شرعًا، فلا يُسلَّم ما قالوه؛ لكون النقص على المالك واضح، فإن قلتَ: ما سبب الخلاف هنا؟ قلتُ: سببه: "تعارض القياسين" فألحقناه بمن أتلف ثوبًا بكامله؛ لأنه أكثر شبهًا به عندنا، وألحقوه برد الثوب السالم عن النقص؛ لكونه أكثر شبهًا به عندهم، وهذا هو المسمَّى بـ"قياس الشبه" أو "غلبة الأشباه".
(٢٧) مسألة: إذا غصب شخص شيئًا، فنقصت قيمته لمرض ونحوه عند الغاصب، ثم عادت قيمته كما كانت وهو عنده ثم ردُّه إلى مالكه: فلا شيء عليه، فمثلًا: لو غصب شخص عبدا يساوي ألف درهم، ثم مرض عنده أو انقلع ضرسه فأصبح لا يساوي إلّا سبعمائة فقط، ثم شفي، وعادت قيمته كما كانت أولًا -وهي: ألف درهم- ثم ردَّه إلى مالكه: فلا شيء على الغاصب، أي: لا ضمان عليه؛ للتلازم؛ حيث يلزم من زوال موجب ومسبب الضمان: عدم الضمان، فإن قلتَ: لِمَ شُرع هذا؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن المالك لم يتضرَّر بشيء، فلو أُوجب ضمان =