بعد أخذ الزرع: فهو للغاصب، وعليه أجرتها (١٨)، وإن كان الزرع قائمًا فيها: خُيِّر ربُّها بين تركه إلى الحصاد بأُجرة مثله، وبين أخذه بنفقته، وهي مثل بذره، وعوض لواحقه (١٩)(ولو غصب جارحًا أو عبدًا، أو فرسًا فحصل بذلك) الجارح، أو العبد،
أثاثًا، ودفع مالك الدار قيمة ذلك الأثاث: لم يلزم الغاصب قبول ذلك، وعليه إزالة أثاثه، فكذلك الحال هنا والجامع: أن كلًّا من البناء والزرع، والغرس والأثاث عين مال الغاصب، فلا يلزم، ببيعه، فإن قلتَ: لِمَ شُرع هذا؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن ذلك فيه إعطاء كل ذي حق حقه، فلا يُنقص الإنسان حقه وإن كان غاصبًا أو معتديًا على الآخرين في جانب من جوانب الحياة.
(١٨) مسألة: إذا غصب أرضًا فزرعها ذلك الغاصب، ثم ردَّها بعد حصاده لذلك الزرع: فذلك الزرع ملك للغاصب، ويجب عليه أن يدفع أجرة مثل تلك الأرض من أول وقت غصبها إلى وقت رد وتسليم تلك الأرض إلى مالكها، وعليه ضمان وأرش النقص إن حصل ولو لم يزرعها؛ للتلازم؛ وهو من وجوه: أولها: أنه يلزم من كون الزرع من نماء مال الغاصب: أن يكون ذلك الزرع ملكًا له، ثانيها: أنه يلزم من استيفاء الغاصب نفع الأرض: أن يدفع عوضًا عن ذلك النفع، وهو أجرة مثلها من وقت غصبه إيّاها إلى تسليمها إلى مالكها، ثالثها: أنه يلزم من جناية الغاصب عليها الذي تسبَّب في نقصان قيمتها: أن يدفع أرش وضمان ذلك النقصان -وقد سبق- فإن قلتَ: لِمَ شُرع هذا؟ قلتُ: للمصلحة؛ وقد بيَّناها في مسألة (١٧).
(١٩) مسألة: إذا تمكَّن مالك الأرض من أخذها من غاصبها، وفيها زرع لذلك الغاصب: فإن مالكها يُخيَّر بين أمرين: أولهما: إما أن يترك الغاصب في الأرض إلى أن يحصد زرعه، ويلزمه بأن يدفع أُجرة مثل تلك الأرض من وقت غصبها إلى الحصاد وتسليمه الأرض، ثانيهما أو يأخذ مالك الأرض الزرع، ويدفع إلى الغاصب جميع نفقاته وتكاليفه على ذلك الزرع: من بذر، وأجرة حرث، وسقي =