وتتابعت وفودُ العرب على النبي - صلى الله عليه وسلم -، وفشا الإسلام في جميع القبائل.
[* ذكر حجة الوداع]
خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حاجًّا، لخمسٍ بَقِين من ذي القعدة، وقد اختلف في حجه، هل كان قِرانًا، أم تمتعًا، أم إفرادًا؟
قال صاحب حماة: والأظهرُ الذي اشتهر: أنه كان قارنًا (١).
وحج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالناس، ولقي عليَّ بنَ أبي طالب - رضي الله عنه - محْرِمًا، فقال:"حِلَّ كَما حَلَّ أَصْحابُكَ"، فقال: إني أهللت بما أهلَّ به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " (٢)، فبقي على إحرامه.
ونحر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "الهَدْيَ عنه، وعلّم رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - الناسَ مناسكَ الحجِّ والسنن، ونزل قوله تعالى:{الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا}[المائدة: ٣]، فبكى أبو بكر - رضي الله عنه - لما سمعها، وكأنه استشعرَ أنْ ليس بعد الكمال إلا النقصانُ، وأنه قد نُعيت إلى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - نفسُه.
وخطب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الناسَ بعرفةَ خطبة بَيَّن فيها الأحكامَ، منها: "أَيُّها النَّاسُ! إنَّما النَّسِيءُ زِيَادَةٌ في الكُفْرِ، وَإِنَّ الزَّمانَ اسْتَدَارَ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ خَلَقَ اللهُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ، وَإِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللهِ اثْنَا عَشَرَ
(١) انظر: "المختصر في أخبار البشر" لأبي الفداء (١/ ١٠٢). (٢) رواه البخاري (١٥٦٨).