وقدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لاثنتي عشرةَ ليلةً خلت من ربيع الأول، من سنة إحدى، وذلك يوم الاثنين، الظهر، فنزل قباء على كُلْثوم بنِ الهَدْمِ، وأقام بقباء: الاثنين، والثلاثاء، والأربعاء، والخميس، والجمعة، وأسّس مسجدَ قُباء، وهو الذي نزل فيه:{لَا تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ}[التوبة: ١٠٨].
ثم خرج من قباء يومَ الجمعة، وأدركَتْ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - الجمعةُ في بني سالمِ بنِ عوفٍ، فصلاها في المسجد الذي ببطن الوادي، وكانت أولَ جمعةٍ صلَّاها بالمدينة.
قال ابن عباس - رضي الله عنهما -: ولد النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم الاثنين، وهاجر يوم الاثنين، وقُبض يوم الاثنين (٢).
واختلف العلماء في مقامه بمكة، بعد أن أوحي إليه، فقال أنس (٣)، وابن عباس (٤) - في رواية -: إنه أقام بمكة عشر سنين، وقيل: أقام ثلاثَ عشرةَ سنة.
ولعل الذي قال: عشر سنين، أراد: بعد إظهار الدعوة؛ فإنه بقي
(١) رواه البخاري (٣٤٥٢)، ومسلم (٢٠٠٩)، عن البراء بن عازب - رضي الله عنه -. (٢) رواه الإمام أحمد في "المسند" (١/ ٢٧٧). (٣) رواه ابن سعد في "الطبقات الكبرى" (١/ ٢٤٤). (٤) رواه أبو داود الطيالسي في "مسنده" (١/ ٢٠٧).